أحدها: وهو الراجح وقول الشافعي في الجديد وأحمد في إحدى الروايتين وإليه ذهب الأشاعرة والمعتزلة والكرخي من الحنفية: أنه ليس بحجة مطلقًا. واختاره الإمام الرازي وأتباعه والآمدي وابن الحاجب وغيرهما.
ولذلك أطلقتُ في النَّظم أنه ليس بحجة على مجتهد، أي: لا على صحابي ولا على غيره. وأما على غيْر مجتهد فذلك إنما هو مِن قبيل التقليد، وسيأتي بيانه.
الثاني: أنه ليس بحجة إلا أن يكون في أمر تَعبُّدي لا مجال للقياس فيه.
وادَّعَى الشيخ تقي الدين السبكي والشيخ صلاح الدين العلائي أن الشافعي يقول بذلك في الجديد؛ لأنه قال في كتاب "اختلاف الحديث": إنه رُوي عن علي - رضي الله عنه - أنه صلَّى في زلزلة ست ركعات، كل ركعة بست سجدات.
ثم قال:(إنْ ثبت ذلك عن علي، قُلتُ به).
لأنه لا مجال للقياس فيه؛ فالظاهر أنه فَعَله توقيفًا.
وذكر الغزالي في "المستصفى" أن ذلك من تفاريع القديم مع نَقْله إياه عن "اختلاف الحديث".
وانتُقِد عليه بأنَّ كتاب "اختلاف الحديث" من كُتب الشافعي الجديدة بمصر، رواه عنه الربيع بن سليمان.
قلتُ: رد بعض العصريين ذلك بأن الظاهر أن العلائي والسبكي ومَن تبعهما إنما اعتمدوا في هذا نَقْل الغزالي ذلك في "المستصفى"، وقد استوعبتُ عِدة نُسخ من كتاب "اختلاف الحديث" فلم أَجِد فيه ذلك.
نعم، في كتاب "اختلاف عِلي وابن مسعود" في "الصلاة في الزلزلة": قال الشافعي: (عباد، عن عاصم الأحول، عن قزعة، عن علي - رضي الله عنه - أنه صلى في زلزلة ست ركعات في أربع