والعبارتان بمعنى واحد، خلافًا لقول بعضهم: إنَّ الفرق بينهما أن الغالب ما يغلب على الظن مِن غير مشاهدة.
قال: وهذا يُقدَّم الأصل فيه، و"الظاهر": ما يحصل بمشاهدة، كبول الظبية في ماء فيوجد متغيرًا، أو إنزال المرأة الماء بعدما اغتسلت وقضت شهوتها، فيقدَّم الظاهر.
والراجح تسوية الظاهر والغالب؛ لأنَّ "الظاهر" هو ترجح وقوعه، فهو مُساوٍ للغالب.
نعم، قد يقطع بتقديم الغالب على الأصل، كاستعمال السرقين في الفخار.
قال الماوردي: فيحكم بنجاسته قطعًا. ومِثله الماء الهارب في الحمام؛ لاطراد العادة بالبول فيه.
ومما يُقطع فيه بتقديم الظاهر أيضًا تقديم مَن قامت البينة بملكه على مَن المدَّعى به في يده، فإنَّ الأصل عدم الملك، والظاهر مِن اليد الملك.
وقد يقطع بتقديم الأصل بأنْ تندر أسباب الظاهر، كمَن تيقن الطهارة وظن الحدث.
وقد يرجح تقديم الأصل، وقد يرجح تقديم الظاهر، ومحل بسط ذلك الفقه.
وإنما خُولِف الاستصحاب للأصل بقطع أو رجحان في ما خالف بمرجِّح مِن خارج، وكذلك القول فيما لو عُورِض أصل بأصل آخَر فرجح أحد الأصلين، فإنما يقع الترجيح بأمر خارجي، فهو وإن كان فيه قولان كما في تَعارُض الأصل والظاهر إلا أن أحدهما قد تَرجَّح مِن جهة أخرى.
قال صاحب "الذخائر" في "باب زكاة الفطر": وعلى المجتهد ترجيح أحدهما بوجه من وجوه النظر، فلا يُظن أنَّ تَقابُل الأصلين يمنع المجتهد من إخراج الحكم، إذ لو كان كذلك لَخَلَت الواقعة عن حُكم الله تعالى، وهو لا يجوز.
وقال الماوردي: إذا تَعارضَا، أخذ بالأحوط؛ ولهذا لو شك وهو في الجمعة هل خرج