وحكى عنه الرافعي في "الشرح الصغير" أنه يُعفى عن ذرق العصفور. فَقَيَّد بالعصفور وأَطْلَق في العفو؛ فشمل المساجد وغيرها.
ومِن ذلك أيضًا العفو عن أثر الاستنجاء وسلس البول وسائر ما يُعفَى عنه من النجاسات.
ولو وَلَّى الإمام غَيْرَ أَهْل، نفذ قضاؤه؛ للضرورة. وألحقه الغزالي وغيره بقاضي أهل البغي. ونازع فيه ابن الكتناني بأنَّ قاضي أهل البغي يُفصل فيه بين الأهل وغيره، قال: وليس هذا مما عَمَّت به البلوى حتى ينفذه، ألا ترى أن بيع المعاطاة قد غلب في هذا الزمان ولو رُفع إلى حاكم لم يَجُز له تصحيحه؟ لأنَّ ما خالف قواعد الشرع لا أثر فيه للضرورة.
القاعدة الثالثة:"المشقة تجلب التيسير":
ودليلها قوله تعالى:{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}[الحج: ٧٨]، إشارة إلى ما خفف عن هذه الأُمة مِن المشدد على غيرهم من الإصر ونحوه، وما لهم من تخفيفات أخرى؛ دَفْعًا للمشقة كما قال تعالى:{الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا}[الأنفال: ٦٦]، وكذا تخفيف الخمسين صلاة في الإسراء إلى خمس صلوات، وغير ذلك مما لا ينحصر.
وقال تعالى:{يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ}[البقرة: ١٨٥] الآية، {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ}[النساء: ٢٨]، وقال تعالى في صِفة نبينا - صلى الله عليه وسلم -: {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ}[الأعراف: ١٥٧] الآية، وقال تعالى:{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}[البقرة: ٢٨٦]، وقال تعالى في دعائهم:{وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا}[البقرة: ٢٨٦] الآية، وغير ذلك.
وترجم البخاري "باب الدين يُسْر" وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أَحَبُّ الدِّين إلى الله الحنيفية