- وإما أن ذلك مفتقر للضرورة، كمن نَسِيَ صلاة مَن خَمس ولم يَعرف عَيْنها، فيَلزمه أن يصلي الخمس وينوي في كل واحدة أنها فَرْضُه مع عدم تَحقُّق ذلك.
وكذا مَن اشتبه عليه ماء طهور بماء ورد، يتوضأ بكل منهما مع عدم جزمه بأن ما يأتي به وضوء شرعي بالطهور. والمصلِّي على موتى مسلمين مختلطين بكفار، إذا صلَّى على واحد واحد، ينوي الصلاة عليه بِقَيْد أن يكون مسلمًا. وكذا لو صلى خلف مسافر يشك في نية القصر، بل ويُغتفر تعليقُه بكونه إنْ قصر قصر، وإنْ أتم أتم. ومَن اشتبه عليه مذي ومَني وقُلنا: يخير -وهو ما رجحوه - فينوي الوضوء إنْ توضأ والغسل إنِ اغتسل وهو لا يتحقق أنه الواجب عليه.
وفي غير ذلك وهو كثير.
الثالث: كما تكون النية للتصحيح تكون للإفساد حيث نَوَى قَطْع ذلك المنْوِي بعد الشروع فيه، وذلك في الصلاة ونحوها [الإيمان](١) يبطلان بنية الخروج والتردد في أن يخرج منه، أما الحج والعمرة فلا يبطلان بذلك قَطْعًا، وكذا الوضوء في أثنائه.
نعم، فيما بعد الفراغ منه وَجْه أنه يبطل بقصد إبطاله. وأما الاعتكاف والصوم فلا يبطلان بقصد الخروج منهما على الأصح في "الشرح" و"الروضة". لكن نَصَّ الشافعي في الصوم على الإبطال، وكذا نقله ابن كج في "التجريد" عن رواية الربيع، ورجحه جماعة من الأصحاب، منهم الشيخ أبو إسحاق الشيرازي.
وقولي:(وَ [أَخْذُهَا] قِيلَ: مِنَ التَّحْكِيمِ لِعَادَةٍ) إشارة إلى هذه القاعدة، قال بعضهم: إنها مأخوذة من قاعدة "تحكيم العادة" السابق ذِكرها. وجعلوا ذلك عُذر القاضي حسين في عدم ذِكرها.