للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقولي: (وَلَوْ رَوَى حُكْمًا لِمِثْلِهِ) أي: لا تراعيه ولو روى حُكمًا لا يختص بالإناث، خلافًا لقولٍ مُفَصَّلٍ أنه إنْ روى حُكم الإناث، قُدِّمت الأنثى عليه. وإنْ روى حُكمًا لا يتعلق بالإناث، يُراعَى في ترجيحه على رواية الأنثى ذلك.

وقولي: (وَحُرًّا) عطف أيضًا على (ذَكَرًا)، أي: على ما هو الصواب، خلافًا لمن رجح بالحرية كما وقع في "جمع الجوامع" أيضًا؛ لأنَّ الحرية لا تأثير لها في قوة الظن.

السادسة عشر: أن يكون الراوي متأخِّر الإِسلام، فيقدَّم على رواية مَن كان إسلامه متقدِّمًا؛ لأنَّ متأخِّره يحفظ آخِر الأمرين من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ ولهذا لَمَّا روى جرير البجلي: "رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بال ثم توضأ ومسح على خفيه" (١)، قال إبراهيم النخعي: كان يعجبهم هذا الحديث؛ لأنَّ إسلامَ جرير كان بعد نزول المائدة. أخرجه "الصحيحان".

وهذا رأي الجمهور وإنْ جزم ابن الحاجب والهندي بأن رواية متقدِّم الإِسلام أَرجَح من رواية متأخِّره؛ لزيادة أصالته في الإِسلام وتَحَرُّزه فيه. على أنَّ الهندي قد ناقض هذا في الكلام على الترجيح بأمر خارج، فجزم بأن متأخِّر الإِسلام يُقدَّم مطلقًا.

واعلَم أن في معنى تَأخُّر الإِسلام تأخُّر الصحبة؛ ولذلك قدَّموا خبر أبي هريرة: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سلم من اثنتين" (٢)، وقدموا رواية ابن عباس في التشهد على رواية ابن مسعود.

ونقل ابن السمعاني عن الحنفية أنه لا يُقدَّم بهذا؛ لأنَّ المتقدم قد دامت صحبته إلى حالة وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلا يكون للمتأخِّر ترجيح عليه.


(١) سبق تخريجه.
(٢) صحيح ابن حبان (رقم: ٢٢٤٩)، قال الألباني: صحيح. (التعليقات الحسان: ٢٢٤٦).
وفي صحيح البخاري (رقم: ٦٨٢) بلفظ: (انْصَرَفَ من اثْنَتَيْنِ)، وفي صحيح مسلم (رقم: ٥٧٣) بلفظ: (فَسَلَّمَ في رَكْعَتَيْنِ).

<<  <  ج: ص:  >  >>