للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي معنى ذلك أن يذكر لكل منهما عِلة، لكن عِلة أحدهما أظهر في المناسبة؛ فيقدَّم.

الثاني: ما قُدِّمت فيه العلة على الحكم أَرْجح من عكسه. وقد سبق في "باب القياس" في الإيماء أن الإِمام في "المحصول" قال ذلك، وسبق بيانه موضَّحًا، فراجِعه.

الثالث: يقدَّم ما فيه تهديد على ما لا تهديد فيه، كحديث: "مَن صام يوم الشك فقد عَصَى أبا القاسم" (١) مقدَّم على أحاديث الترغيب في صيام النفل.

الرابع: ما فيه تأكيد مقدَّم على ما لا تأكيد فيه، كحديث: "أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وَليها فنكاحها باطل باطل باطل" (٢) مع حديث: "والأيم أَحَق بنفسها مِن وليها" (٣)، فإنه -ولو سُلِّم دلالته للحنفية على مطلوبهم أنها تُزوج نفسها- كان هذا مقدَّمًا عليه.

وفي معنى ذلك ما لو تأكد حُكم أحدهما بدلالة سياق؛ فيقدَّم على ما ليس كذلك.

الخامس: يقدَّم العام الذي "لم يَرِد على سبب خاص" على الذي "وَرَدَ على السبب الخاص" في غير صورة السبب؛ لأنَّ الأول أقوى في العموم، حتى قال مَن قال: إن العبرة بخصوص السبب، لا بعموم اللفظ كما سبق؛ فلذلك قال إمام الحرمين: إنَّا ولو قُلنا بعمومه لكنه ضعيف.

ولذلك رجحنا "مَن بدل دينه فاقتلوه" على حديث: "نَهى عن قتل النساء"؛ لأنه وَرَد


(١) من قول عمار بن ياسر - رضي الله عنه -: صحيح البخاري (٢/ ٦٧٤)، وفي سنن ابن ماجه (رقم: ١٦٤٥)، سنن أبي داود (رقم: ٢٣٣٤) بلفظ: (من صَامَ هذا الْيَوْمَ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ). وفي سنن الترمذي (رقم: ٦٨٦) بلفظ: (من صَامَ الْيَوْمَ الذي يَشُكُّ فيه الناس فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ) وغيرها.
قال الألباني: صحيح. (صحيح أبي داود: ٢٣٣٤، صحيح الترمذي: ٦٨٦).
(٢) سبق تخريجه.
(٣) صحيح مسلم (رقم: ١٤٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>