الأول: ما دلالته من حيث الاقتضاء مُرجحة على ما دلالته من حيث الإيماء والإشارة. وهذه الأقسام كلها سبق بيان حقيقتها في الكلام على تقسيم دلالة الكلام على ما يقصد منه، وذلك في باب اللغات. وإنما كانت دلالة الاقتضاء مقدمة على دلالة الإشارة لترجيحها بقصد المتكلم، وعلى دلالة الإيماء لِتَوقُّف صِدق المتكلم أو صحة الملفوظ به، بخلاف الإيماء.
الثاني: دلالة الإيماء ودلالة الإشارة مقدَّمان على المفهومين: مفهوم المخالفة، لِمَا فيه من الاختلاف، ومفهوم الموافقة؛ لجواز أن لا يكون المسكوت أَوْلى أو مساويًا. وإلى ذلك أشرت بقولي:(هُمَا) إلى آخِره، فـ "هُمَا" مبتدأ، و "قَدِّمْ" فِعل أمر، والجملة خبر عن المبتدأ.
الثالث: ما دل بمفهوم الموافقة يُقدَّم على ما كان بمفهوم المخالفة؛ لأنَّ الموافقة باتفاق في دلالتها على المسكوت وإنِ اختُلف في جِهته هل هو بالمفهوم؟ أو بالقياس؟ أو مجاز بالقرينة؟ أو منقول عُرفي؛ كما سبق بيانه في المفاهيم وغيره.
نعم، اختار الهندي أن مفهوم المخالفة أَرجَح من الموافقة؛ لأنَّ فائدته تأسيس، والموافقة تأكيد. والله تعالى أعلم.