أي ما سبق من الشروط في الاجتهاد إنما ذلك في المجتهد المطلق الذي يفتي في جميع أبواب الشرح، وقد انقطع الآن، وسيأتي في "باب التقليد" ما في ذلك من الخلاف.
وأما مجتهد المذهب وهو مَن ينتحل مذهب إمام من الأئمة فلا يُعتبر فيه إلا ما سنذكره، وهو أن يعرف قواعد ذلك الذهب وأصوله ونصوص صاحب المذهب بحيث لا يشذ عنه شيء من ذلك. فإذا سُئل عن حادثة فإنْ عرف نَصًّا لصاحب الذهب فيها، أجاب به، وإلا اجتهد فيها على مذهبه وخَرَّجها على أصوله.
قال ابن أبي الدم:(وهذا أيضًا منقطع في زماننا).
فهذه المرتبة دُون مرتبة الاجتهاد المطلق.
ومرتبة ثالثة دُون الثانية وهي مَرتبة مجتهد الفتيا، أي: الذي يسوغ له الفتيا على مذهب إمامه الذي هو مُقَلده، فلا يُشترط فيه ما يُشترط في مجتهد المذهب، بل يُعتبر فيه أن يكون متبحرًا في الذهب متمكِّنًا مِن ترجيح قولٍ علَى قولٍ.
وهذا أدنى المراتب، ولم يَبْقَ بعده إلا العامي ومَن في معناه. والله تعالى أعلم.