وقال أيضًا (٢/ ٨٥٨): (ومن هنا نشأ كلام العلماء في الآيات والأحاديث الواردة في الصفات المشكلة، فإنَّ الحقيقة فيها متعذرة بالأدلة القطعية عقلًا ونقلًا على طريق أهل السُّنة، فهل يُقال حينئذٍ: يجب الحمل على المجاز بمجرد التعذر؟ أوْ لا؛ لاحتمال إرادة ما يليق مما لا نعرفه مُعَيَّنًا؟ طريقتان: طريقة السلف الثانية مع اعتقاد التنزيه، خِلافًا لِما ينسبه المبتدعة لهم مِن الإجراء على الظاهر. وطريقة مَن بَعْدهم هي الأَوْلى الآن؛ محافظةً على التنزيه ونَفْي التوهُّم. فالفريقان متفقان على التنزيه. بل أقول: الواجب في هذا الزمان العمل بطريق التأويل؛ لِمَا سلكه المبتدعة مِن الحلول والاتحاد ومِن الجهة والتجسيم). انتهى كلام البرماوي.
قلتُ (عبد الله رمضان): وهل انحراف بعض الناس عن طريق الحق يُبِيح لنا نَفْي ما أَثْبَته الله تعالى لنفسه من صفات وأفعال؟ ! !
والأشاعرة يزعمون أنهم على مذهب أهل السُّنة، لكنهم في الحقيقة يخالفون أهل السُّنة، وقد ذكرتُ ذلك تفصيلًا في كتابي (الرد على القرضاوي والجديع والعلواني، ١/ ١٤٨).
فأهل السُّنة بريئون مِن عقيدة الأشاعرة التي تخالف ما كان عليه السلف الصالح.
فمذهب أهل السُّنة هو إثبات ما أَثْبَتَه الله تعالى لنفسه بما يليق بذاته سبحانه وتعالى، وليس هذا موضع بَسْط هذه المسألة.
وأمَّا نَفْي البرماوي أنَّ كلام الله تعالى حَرْفٌ وصَوْتٌ ففساده يظهر بقول الإمام ابن تيمية في "درء تعارُض العقل": (السلف وجمهور الخلف .. نزهوه عن كَوْنه كان عاجزًا عن الكلام كالأخرس الذي لا يمكنه الكلام)(١). انتهى