للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ولكنه تحقيق لا طائل تحته، فإنَّ "الأداء" و"القضاء" في عبارة الأصوليين والفقهاء يُراد بها المفعول، مِن إطلاق المَصدَر على المفعول، واشتهر ذلك في استعمالهم حتى صار حقيقة عُرْفية.

وأيضًا فالعبادة قبل إيقاعها ليس لها وجود خارجي يقع الفعل عليه حتى يَكون مفعولًا حقيقة ويقع الفَرْق فيه بين الفعل والمفعول، فحينئذ إيقاع العبادة ووقوعها وفِعلها و [ذاتها] (١) كُله واحد، فَصَحَّ وَصْفُ العبادة بالأداء وبالمؤداة وبالقضاء والمقضِية، فاعْلَم ذلك.

فإنْ قيل: إذا كانوا قد أَجْرَوا فِعلَ البعض في هذه الصورة بمنزلة الكُل حتى صارت أداء، فَقَدْ خرجت عن التعريف الذي [ذكرته] (٢) للأداء، فلا يكون منعكسًا، وفي دون الركعة في الوقت خرج أيضًا مِن تعريف "القضاء"؛ فلا يكون منعكسًا.

فالجواب: أنه في الأول لَمَّا جَعَله الشارعُ مُدْركًا بالركعة، صار ما بَعْد الوقت إلى آخِر الصلاة داخلًا في الوقت في حَقّه، فَلَم يفعل الكل إلا في الوقت؛ وذلك أنه - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا قال: "مَن أَدرك ركعة مِن العصر قَبْل أنْ تغرب الشمس فقد أدرك العصر، ومَن أَدرك ركعة مِن الصبح قَبْل أنْ تطلع الشمس فقد أدرك الصبح " (٣) وقِيسَ ما سواهما عليهما في ذلك؛ إذْ لا فارق، وَجَبَ أنْ يُقْضَى شرعًا بما ذكرناه، وفي القضاء مقابلة؛ لأنَّ بعض الركعة نزل منزلة العدم، فكأنه فعل الكل خارج الوقت. كذا قرره الشيخ تقي الدين السبكي بَعْد أنْ قال: إنَّ المتبادر مِن كلامهم تسميته "أداء" مع الحكم بخروج الوقت وأنَّ ما بقي مفعولٌ خارج


(١) كذا في (ز، ص، ق، ت، ش). لكن في (ض): ادائها.
(٢) في (ش): ذكره.
(٣) صحيح البخاري (رقم: ٥٥٤)، صحيح مسلم (رقم: ٦٠٨) بذكر الصبح أولًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>