هذا أَحَق مِن الأول بِاسْم "الإعادة"؛ لأنَّ ذلك إنما هو بحسب الصورة، وهذا مثله في عدم الخلل، فالإعادة فيه حقيقة.
نَعَم، لا يجري مِثل هذا في الحج بِأنْ يحج صحيحًا ثُم يحج بَعْده مِن سَنة أخرى، وكذا الصوم؛ لأنَّ الثاني غير الأول. أمَّا مَن حَجَّ فاسدًا ثُم حج صحيحًا فلا يمتنع أنْ يُسَمى "إعادة" وإن لم يُسَم "أداء" كما قررناه.
فَتَلَخَّصَ أنَّ "الإعادة" لا تتوقف على كَوْن ما سبقها صحيحًا ولا فاسدًا، ولا كونه أداءً أو قضاءً، ولا مؤقتًا أو مُطْلَقًا.
نَعم، مِن العبادات ما يوصَف بالأداء دُون القضاء، كالجمعة؛ لأنها لَمَّا توقفت على أمور يَعْسُر اجتماعها كل وقتٍ، امتنع فيها القضاء.
ولا يُسْتشْكَلُ هذا بأنها لم توصَف بالقضاء فكيف توصف بالأداء ولا يوصف بالشيء إلا ما يوصف بضده؟
وقد يجاب بالمنع، أو بأنَّ ما أَمْكَن، يُعْمَل فيه، وما تَعَذَّر فَلَا، أو أنه لَمَّا أَمْكَن قضاؤها بالظهر إذا فاتت، نزلت منزلة قضائها جمعة.
وقولي:(ولو بوقت) إلى آخِره -راجع إلى قولي:(ولو بالشكل)، أَيْ: ولو كان الذي أُعِيدَ على صورة الأول -الذي حُكِم بفساده- فُعِل في الوقت فإنه لا يخرج عن كَوْنه إعادةً وأداءً.
والقصد بذلك مسألة ذكرها أصحابنا، وهي أنَّ مَن أفسد صلاةً في الوقت ثُم أعادها والوقت باقٍ، فقال القاضي حسين في "تعليقه وتبعه في "التتمة" و"البحر" كُلهم في باب صفة الصلاة: إنَّ ذلك قضاء باعتبار أنَّ الوقت تضيق بالإحرام بالصلاة؛ لامتناع الخروج منها، فلم يَبْقَ لها وقت شروع، بل وقت استدامة، فالإحرام بها بعد ذلك خارج عن وقتها