للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مقاصد ووسائل.

ومما يستفاد هنا: أنَّ الشافعي - رضي الله عنه - فيما اقتضاه نَقْلُ الربيع عنه في "اختلاف الحديث" ذكَر ما يقتضي أنَّ الكتاب والسُّنة مشتملان على جميع الفروع الملحقة بالقياس، أَيْ: إنَّ اشتمالهما على الأحكام إما ابتداء أو بالواسطة.

فقال الشافعي: (ولَمَّا قبض الله تعالى رسوله - صلى الله عليه وسلم - تناهَت فرائضُه، فلا يُزاد فيها ولا يُنقَص) (١).

نَعَم، روى أحمد أنَّ الشافعي قال: (القياس ضرورات). نقل العبادي ذلك في طبقاته، فقد يُقال: إنه يُبايِن الأول، إلَّا أنْ يؤَوَّل بأنه مضطرٌ إليه لِكَونه بواسطة، بخلاف مَتْن الكتاب والسُّنة؛ ولهذا قال ابنُ كج: جميع الأحكام بالنصِّ، لكن بعضها يُعْلَم بِظاهر، وبعضها باستنباط وهو القياس، ولولا ذلك لَبَطل أكثر الأحكام.

وعلى هذا أيضًا يحمل قول ابن حزم: (إنَّ النصوص محيطة بجميع الحوادث)؛ لأنه لا ينكر أصل القياس.

ومما ينقل مِن الخلاف في القياس أنه هل يُعَد مِن "أصول الفقه"؟ أَوْ لا؟ تَعَلُّقًا بأنه لا يفيد إلا الظن. والحقُّ مِن ذلك الأول، وأمَّا الثاني [فضعيف] (٢) جدًّا، فإنَّ القياس قد يفيد القَطْع كما سيأتي. ولو قُلنا: لا يفيد إلا الظنَّ، فخبر الواحد ونحوه لا يفيد إلَّا الظن، بل أدلة الفقه كلها ظنية كما قررناه في غير هذا الموضع.

ومما يستفاد أيضًا: أنَّ القياس فرض كفاية عند تَعَدُّد المجتهدين، لكن إذا احتاج المجتهد إليه وكان واحدًا فقط مع ضيق الوقت، يَصِير فَرْض عَيْن. وأمَّا فيما يجوز حدوثُه ولم يحدُث


(١) اختلاف الحديث (ص ٥٤١).
(٢) كذا في (ز، ق، ت). لكن في (ش، ض، ص): ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>