النوع حتى يُروى عنه إمَّا قوله:(إنه ترك كذا) أو قيام القرائن عند الراوي الذي يروي عنه أنه ترك كذا.
وقولي:(ومنه أنْ يُقَررَا) أَيْ: ومن الفعل تقريرُه - صلى الله عليه وسلم - مكلَّفًا على فِعل شيء - ولو كان ذلك الفعل قولًا أو نحوه - ولا ينكره عليه؛ فيدل على جواز ذلك الفعل له ولغيره، وذلك بأنْ يفعله بحضرة النبي - صلى الله عليه وسلم - أو في عَصْره ويَعلم به ولا ينكره، لكن بشروط:
أحدها: أنْ لا يَكون قد بَيَّن قُبحه قَبل ذلك، فإنْ بَيَّن قُبح الفعل ولكن قَرَّر فاعلَه لأمرٍ آخَر شرعي كَمُضِي مَن قَرَّره بالجزية مِن الكفار إلى الكنيسة للتعبد بها، فإنَّ ذلك لا دلالة له على جواز الفعل اتفاقًا.
الثاني: أنْ يَكون النبي - صلى الله عليه وسلم - قادرًا على إزالة ذلك المنكَر. كذا شَرَطه ابن الحاجب وغيره. ولكن قد يُقال: لا حاجة إليه؛ لأنَّ مِن خصائصه - صلى الله عليه وسلم - أنَّ وجوب إنكاره المنكر لا يَسقط عنه بالخوف على نفسه وإنْ كان ذلك إنما هو لعدم تحقق خوفه بَعْد إخبار الله تعالى بعصمته مِن الناس بقوله تعالى:{وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}[المائدة: ٦٧] , وقوله تعالى: {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (٩٥)} [الحجر: ٩٥].
الثالث: أنْ يعْلم أنَّ الإنكار يُفِيد، فإنْ كان الإنكار لا يزيد الفاعل إلا جُرْأةً وإغراء، فلا يدل على جواز الفعل. وهذا منقول عن المعتزلة.
وفي كلام إمام الحرمين ما يُفْهمه، حيث قال: (التقرير دالٌّ على رفع الحرج إلا في موضع واحد، وهو أنَّا لا نبعد أنْ يَرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أَبِيًّا عليه ممتنعًا عن القبول، لا سيما وقد أخبره الله تعالى أنه لا يُؤمِن بقوله تعالى:{سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ}[البقرة: ٦]. فإذا رآه يَسجد لصنم بعد ما أنكَر عليه مرارًا وأَمْكَن حَمْل سكوته على يأسٍ مِن