للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢١٨ - لَا في الَّذِي خُصَّ وَلَا الْجِبِلِّي ... فَأَصْلُ شَرْعِهِ عُمُومُ الْكُلِّ

الشرح: أيْ إذَا ثبت أنَّ فِعله - صلى الله عليه وسلم - غير محُرَّم (لِعِصْمته) وغير مكروه (لِمَا سبق)، فهو إمَّا واجب أو مندوب أو مباح، لكن على أيِّ شيء يُحْمَل؟ وما حُكم أُمته في التأسِّي بذلك؟ فيه التفصيل المذكور، وحاصلُه أنَّ فِعله - صلى الله عليه وسلم - أقسام:

أحدها: الفعل الجبلي، أَيْ: الواقع بجهة جبلَّة البشر مِن أكلٍ وشُرب وقيام وقعود ونحو ذلك. ومنه ما كان مِن تَصَرُّف الأعضاء وحركات الجسد. قال ابن السمعاني: لا يتعلق بذلك أمرٌ ولا نهي عن مخالِفِه، بل هو مباح، فالأمر فيه واضح؛ لأنه ليس مقصودًا به تشريع ولا تُعُبِّدنَا به، فهو كالواقع منه مِن غير قَصْد، ولذلك نُسِب للجبلة وهي الخلقة. قال الجوهري: (ومنه قوله تعالى: {وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ} [الشعراء: ١٨٤]. وقرأها الحسن بالضم، والجمع: جبلات) (١). انتهى

وحينئذ فإنْ تأسَّى به مُتَأسٍّ في ذلك فلا بأس، فقد كان ابن عمر لَمَّا حج يجر خطام ناقته حتى يبركها حيث بركت ناقة النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ تبركًا بآثاره الشريفة. وإنْ ترَكه لا رغبة واستنكافًا فلا بأس.

نَعَم، نقل القاضي والغزالي في "المنخول" قولًا أنه يندَبُ التأسي به فيه، ونقل الأستاذ وجهين، أحدهما: هذا، وعزاه أكثر المحدثين. والثاني: لا يتبع فيه أصلًا.

فتصير الأقوال ثلاثة: مباح، مندوب، ممتنع.

ويحكى قول رابع بالوجوب في الجبلي وغيره. [قيل] (٢): وهو زلَل.

فإنِ احتمل الفعل أنْ يَكون جبليًّا وغيره مِن حيث إنه واظب عليه ففيه خلاف، مَنْشَؤه


(١) الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية (٤/ ١٦٥١).
(٢) في (ص): قبله.

<<  <  ج: ص:  >  >>