للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

طيبها" (١). متفق عليه عن جابر - رضي الله عنه -، وخَطَأُ عُلمائها خَبَث، فإذَا كان منفيًّا، صار قولهم حُجة.

وأما قوله: "وينصع طيبها" فهو بالصاد والعين المهملتين، وأول الفعل مثناة تحت، و"طيبها" بالتشديد مرفوع بالفاعلية على المشهور، ويروى بالنصب فـ "تنصع" بمثناة فوق، والفاعل ضمير المدينة، لكن قال القزاز: لم أجد لنصع في الطيب وجهًا، وإنما وجه الكلام: "يتضوعُ طيبها" أيْ: يفوح. ويُروى "ينضخ" بمعجمتين.

والأحاديث في فضل المدينة كثيرة، كحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - في الطبراني "الأوسط" بإسناد لا بأس به: "المدينة قُبَّة الإِسلام، ودار الإيمان، وأرض الهجرة، ومثوى الحلال والحرام" (٢).

قالوا: وأيضًا فإنَّ الصحابة كانوا مجتمعين -غالبًا- فيها.

وجواب الأول: أنَّ فضل البقاع كما سبق لا أثر له في عدم خطأ ساكنيها، إلَّا مَن عَصَمه الله، وهُم جميع الأمة لا بعضهم، ولهذا قال ابن عبد البر: (إنَّ مثل ذلك إنما كان في حياته - صلى الله عليه وسلم -، فلم يخرج مِن المدينة إلَّا مَن لا خير فيه، وأمَّا بَعْد وفاته فقدْ خرج منها أخيار وسكنوا في غيرها) (٣). وكذا قاله القاضي عياض، لكن قال النووي: إنَّ هذا ليس بظاهر؛ لما صح: "لا تقوم الساعة حتى تنفي المدينة شرارها كما ينفي الكير خبث الحديد" (٤). وهذا والله أعلم في زمن الدجال.


(١) صحيح البخاري (رقم: ٦٧٨٣)، صحيح مسلم (رقم: ١٣٨٣).
(٢) المعجم الأوسط (٥/ ٣٨٠، رقم: ٥٦١٨) بلفظ: "ومُبَوَّأُ الحلال والحرام". قال الألباني: ضعيف. (السلسلة الضعيفة: ٧٦١).
(٣) لفظ ابن عبد البر في (التمهيد، ٢٣/ ١٧١): (إِنَّمَا كَانَ في حَيَاة رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَحِينَئِذٍ لم يَكُنْ يَخْرُجُ مِنَ الْمَدِينَةِ رَغْبَةً عَنْ جِوَاره فِيهَا إِلَّا مَنْ لَا خَيْرَ فِيهِ ... ).
(٤) صحيح مسلم (رقم: ١٣٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>