للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحجية أن لهؤلاء مزية على أولئك؛ لانفراده في عصر؛ فهو المعتبر. قال: وليس بشيء إلا على قوله في القديم: إن الصحابة - رضي الله عنهم - إذا اختلفوا، يؤخذ بقول الأكثر. أما على المشهور من مذهبه فلا فرق بين القليل والكثير.

قيل: والحقُّ في المسألة أنه إجماع ظني لا قطعي، وإليه يشير كلام إمام الحرمين.

وفي كتاب "تقويم الأدلة" لأبي زيد الدبوسي عن الحنفية: إنه من أدنى مراتب الإجماع (١).

فرع:

هل وقع ذلك؟

الظاهر مما سبق عن الشافعي في حد الخمر وقوعه. وقال ابن الحاجب: (الحقُّ في مثل هذا الإجماع أنه يُعتبر (٢) وقوعه، لأنه غالبًا لا يكون إلا عن جَلِي، وَيبعُد غفلة المخالف).

نعم، وقع قليلًا، كاختلاف الصحابة في بيع أُم الولد، ثم زال باتفاقهم على المنع، وكاختلافهم في نكاح المتعة ثم أجمعوا على المنع.

قلتُ: لكن هذان إنما يصح التمثيل بهما لما سيأتي وهو الصورة الثانية: أنْ يختلفوا على قولين ثم يرجع أحد الفريقين إلى قول الآخَر، فيتفقوا بأنفسهم على ذلك القول.

فإنْ كان ذلك قبل استقرار الخلاف فإجماع وكذا حُجة، خلافًا لقوم يقولون: إنه إجماع، لا حجة. ولهذا جمع ابن الحاجب بينهما.

وهل ذلك وفاق؟ أو على خلاف؟ فيه ما سبق في التي قبلها عن الصيرفي وغيره.


(١) تقويم الأدلة (ص ٣٣).
(٢) كذا في جميع النُّسَخ، والصواب: يبعد؛ فعبارة ابن الحاجب في مختصره (ص ٦٢): (والحقُّ أنه بعيد).

<<  <  ج: ص:  >  >>