ولم أُقَيِّده في النَّظم؛ لأنه لا يُحتاج إليه؛ فإنهم إذا أفسدوه، لم يكن دليلًا ولا تأويلًا ولا علة، بل هو لَغْو بإجماعهم، والكلام في إحداث شيء لم يسبق إبطاله منهم.
وكذلك قيدوا المسائل بما إذا لم يكن في المحدَث إبطالٌ وإلغاء لِمَا قاله الأولون. ولا يُحتاج أيضًا إليه؛ لأن بإبطال الأول يصير كأنه ادُّعِيَ أنَّ هذا هو الدليل أو التأويل أو [التعليل](١)، فقد خرق الإجماع بمخالفته؛ إذْ لا يُقال:"آخَر" إلا مع بقاء الأول، وهذا واضح. والله أعلم.
الشرح: أي: إذا ثبت أن الإجماع حجة وأنه لا يجوز خرْقه ولا مخالفته، هل ذلك لكونه حجة قطعية حتى يكفر مُنْكِرُ حجيته أو يُضلَّل؟ وهل إنكار ما أجمعوا عليه مُكفر؟ أوْ لا (على ما سيأتي من التفصيل)؟ أو أنه حجة ظنية لا يتعلق بها شيء من الأمرين؟
ذهب الأكثرون إلى الأول، والإمامُ والآمدي إلى الثاني.
وفصَّل المحققون بين:
- الإجماع الذي لا خلاف في ثبوته وانعقاده، فيكون قطعيًّا.
- أو فيه خلاف، كالإجماع السكوتي، وما لم ينقرض عصره، والإجماع بعد الاختلاف، وما ندر المخالف فيه عند مَن يراه كما قاله ابن الحاجب، ونحو ذلك، فلا يكون قطعيًّا.
وقولي:(على انفراده) أي: لا يحتاج إلى انضمام دليل آخر يصير به قطعيًّا، والله أعلم.