وإنْ لم يكن معلومًا من الدين بالضرورة ولكنه منصوص عليه مشهور عند الخاصة والعامة فيشارك القِسم الذي قَبْله في كوْنه منصوصًا ومشهورًا، ويخالفه من حيث إنه لم يَنْتَهِ إلى كوْنه ضروريًا في الدين فيكفر به جاحده أيضًا.
وإنْ لم يكن منصوصًا لكن بلغ مع كونه مجمعًا عليه في الشهرة مَبْلغ المنصوص بحيث يَعْرفه الخاصة والعامة، فهذا أيضًا يكفر منكِره أيضًا على أصح الوجهين اللذين حكاهما الأستاذ أبو إسحاق وغيره؛ لأنه يتضمن تكذيبُهم تكذيبَ الصادق.
وقِيل: لا يكفر؛ لعدم التصريح بالتكذيب.
وإنْ لم يكن منصوصًا ولا بلغ في الشهرة مَبْلغ المنصوص بل هو خفي لا يَعرفه إلا الخواص كما مَثَّلنا من استحقاق بنت الابن في الإرث مع بنت الصلب السدس، فهذا لا يكفر جاحدُه ومنكره؛ لعذر الخفاء، خلافًا لقول بعض الفقهاء: إنه يكفر؛ لتكذيبه الأُمة.
ورُدَّ بأنه لم يكذبهم صريحًا؛ إذِ الفَرْض حيث لم يكن مشهورًا، فهو مما يخفَى على مِثله.
وهو معنى قولي:(وَغَيْرهِ، لَا بِخَفَا). وقُصر في النَّظم؛ للضرورة، أي: وكذا إذا أجمعوا على غير منصوص وهو غير خفي بل ظاهر للخَلْق، بخلاف الخفي، فإنه ليس كذلك في التكفير به.
هذا ما تحرَّر في الجمع بين كلام أئمتنا وغيرهم، خلافًا لِما وقع في كلام الآمدي وابن الحاجب من الكلام المستغلق المحتاج للتأويل؛ لِما في ظاهره من الأمور المشكلة. فلنذكر شيئًا من كلام الأئمة، ثُم كلام الآمدي وابن الحاجب.
فنقول: قال الأستاذ أبو منصور البغدادي: فأما ما أجمعت الأمة عليه أو ورد فيه خبر يوجب العِلم فأصلٌ بنفسه، يأثم المخالِف فيه، ولا يُعتبر فيه مخالفة أهل الأهواء، وربما أورثهم خلافُهم الكفرَ، كخلاف الميمونيَّة من الخوارج في سقوط الرجم، وخِلاف مِن