أنَّ مقتضَى تصرفاتهم في الزيادة قبولًا وردًّا الترجيح بالنسبة إلى ما يَقْوَى عند الواحد منهم في كل حديث.
قلتُ: كذا غاير بعضهم بين هذا وبين ما سبق مِن الأقوال، والظاهر أنه عَيْن قول الوقف الذي سبق، فتأمله.
ونُقلت مذاهب أخرى يمكن عَوْدُها إلى ما سبق، لا نُطَول بها.
قولي:(فإنْ يُرَ الْأَحْفَظُ عَنْهَا قَدْ سَكَتْ) إلى قولي: (تَعَارَضَا) إشارة إلى مسألتين كالمستثنى مما سبق أيضًا، فيكون عدمهما قيدًا للمختار في المسألة مضمومًا إلى ما سبق؛ لأنَّ الحكم فيهما التعارض حتى لا يرجح أحدهما إلا بمرجِّح مِن الخارج كما قاله الإمام في "المحصول".
إحداهما: أن يكون الساكت عن الزيادة أحفظ وأضبط ممن رواها.
والثانية: أن يُصرح مَن لم يَرْوِ الزيادة بنفيها.
نعم، تقييد الثانية بكون النفي على وجه يُقبل -مأخوذ مِن غضون كلام الإمام في المسألة وإنْ لم يصرح به في الأول، وذلك حيث قال: (لو صرح الممسك بنفي الزيادة فقال مثلًا: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقف على قوله "فيما سقت السماء العشر" ولم يأت بعده بكلام آخَر مع انتظاري له، فهاهنا يتعارض القولان، ويصار إلى الترجيح) (١).
وقال أبو الحسين في "المعتمد": (إن قال: "ما أعْلم بالزيادة" أو قال: "ما سمعتها" ولم يقطعه قاطع عن سماعها فإنه يكون ناقلًا للنفي ولارتفاع الموانع كما نقل الآخَر الزيادة؛ فتتعارض الروايتان.