على مقدراتها مِن موزون ومكيل ومزروع ومعدود، وجَعْل مركبات الأدوية والأغذية بإزاء ما وُضعت له.
فالضمير في قولي:(جَعْلُهُ) عائد على اللفظ، سواء أكان اسمًا كَـ "زيد" و"رجُل" و"قائم"، أو فِعلًا ك "قام"، أو حرفًا كَـ "ثم" و"بل".
وقولي:(أوْ مَا كَجَعْلٍ) إشارة إلى أن الوضع قد لا يكون تخصيصَ واضعٍ بإرادته، بل اشتهار لفظ في معنى إما في الشرع أو في العُرف، فالاشتهار ليس حقيقة الجعل، بل يُشْبه الجعل. ويَصْدُق أن يُقال: الواضع الشرع أو العُرف، والمراد ما ذكرناه مع أن الشارع لم يَقُل: اعلموا أنَّ هذا اسم لذلك. وكذلك أهل العُرف لم يقولوا ذلك.
فمَن يُعَرِّف "الوضع" بأنه "جَعْل اللفظ دليلًا على المعنى" يُورِد عليه الوضع الشرعي والعُرفي إلا أنْ يذكر في تعريفه هذه الزيادة أو يريدبِ "الجَعْل" الحقيقي والمجازي.
تنبيه:
قد يؤخذ من قولي:(جَعْلُهُ) -أي: جَعْل اللفظ- أنَّ المركَّب موضوع؛ لشموله المفرد والمركب، بل زعم بعضهم أنَّ "اللفظ" جمعٌ واحِدُه "لفظة"، والحقُّ أنه اسم جنس، و [التاء في](١)"لفظة" إنما هي للوحدة من الجنس، لا لتمييز المفرد عن الجمع، إلا أن المفرد موضوع قطعًا، وفي المركب خلاف:
- فقيل: ليس بموضوع؛ ولهذا لم يتكلم أهل اللغة فيه ولا في أنواع تأليفه؛ لكون الأمر فيه موكولًا إلى المتكلم. واختار هذا الإمام الرازي، وهو ظاهر كلام ابن مالك حيث قال: إن دلالة الكلام عقلية. واحتج له في "الفَيْصَل على المُفصل" بأنَّ مَن يعرف لفظين لا يفتقر