للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أشرتُ بقولي: (فَإِنْ تَوَقَّفَتْ) إلى آخِره.

وَجِهات التوقف ثلاثة: ما يتوقف فيه صِدق اللفظ، وما يتوقف فيه صحة الحكم عقلًا، وما يتوقف فيه صحة الحكم شرعًا.

فالأول: مثل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "رُفع عن أُمتي الخطأ والنسيان" (١)، فإنَّ ذات الخطأ والنسيان لم [ترتفع] (٢)؛ فيُضمَر ما يتوقف عليه الصِّدق مِن لفظ "الإثم" أو "المؤاخذة" أو نحو ذلك.

والثاني: مثل قوله تعالى: {وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ}، أي: أهل القرية؛ إذْ لو لم يُقَدَّر ذلك أو نحوه، لم يصح عقلًا، إذْ هي لا تُسأل، ولا يخفَى ما في نسبة ذلك للعقل مِن المسامحة؛ ولذلك قالوا: إن هذا بِناءٌ على أنَّها لم تكن مسئولة حقيقةً من باب المعجزة له، وهو مبني أيضًا على أنَّه لم يُعَبَّر بالقرية عن أهلها؛ إذِ المجاز حينئذٍ مجاز استعارة، لا مجاز إضمار.

ومثله قوله تعالى: {أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ} [الشعراء: ٦٣]، أي: فَضرَب؛ فانفلق.

والثالث: كقول القائل: أَعْتِق [عبدك] (٣) عني على كذا)، أو قال: (مجانًا)، فإنه في الأول بيع ضمني، وفي الثاني هبة ضمنية لا يستحق صاحب العبد عليه شيئا جزمًا.

نعم، قال المزني: إنه لا يقع عن المستدعي. ولكن المذهب خِلافه، وكذا لو سكت على "أَعْتِق" ولم يذكر شيئًا فإنه هبة ضمنية ولا يستحق شيئًا على أصح الوجهين، وقيل: يستحق.

وإنَّما توقفت الصحة الشرعية في [ذلك] (٤)؛ لأنَّ العتق شرعًا لا يكون إلَّا لمملوك. وهو


(١) سبق تخريجه.
(٢) كذا في (ز، ص)، وفي (ت): ترفع.
(٣) في (ت، ض): عبدي.
(٤) في (ز، ق، ظ): الأحوال الثلاثة.

<<  <  ج: ص:  >  >>