وبنى على هذا أنَّه لا يصح الاستدلال بِكَون أهل العربية صاروا إلى المفهوم، فإنهم إنما أخذوه بطريق الاستدلال بالعقل، وقد يخطئون فيكونون كغيرهم.
نعم، لا خلاف أن دلالته ليست وضعية، إنما هي انتقالات ذهنية من باب التنبيه بشيء على شيء، وبالجملة فالمفاهيم التركيبية مِن عوارضه.
قولي: (فَـ "مَفْهُومٌ " يُرَى بِصِدْقِ) هو جواب الشرط، فيُقرأ "مفهوم" بالرفع خبر مبتدأ محذوف، أي: فهو مفهوم. ويجوز أن يقرأ بالنصب مفعولا ثانيًا لـ "يُرى"؛ لأن "رأَى" بمعنى "عَلِم" يتعدى لمفعولين، و"بصدق" في محل نصب على الحال. والله أعلم.
إذا عُلم معنى المفهوم، فهو على ضربين: مفهوم موافقة، ومفهوم مُخَالَفَةُ.
فالأول: ما وافق فيه حُكمُ المسكوت حكمَ المذكور. وهو معنى قولي: (يَكُنْ "مُوَافِقَا")، أي: يُسمى ذلك المسكوت في الاصطلاح "مواففا"، ويُسمى المفهوم فيه "موافقة"؛ لوفق التنبيه المراد المعنى اللغوي.
فَقَولي:(قَدْ وَافَقَا) المراد به المعنى اللغوي، وقولي: ("مُوَافِقَا") آخِر البيت - المراد به المعنى الاصطلاحي حتَّى لا يتحد الشرط والجزاء، والضمير المخفوض في "مسكوته" عائد