للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومن ذلك أيضًا قوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: ٩٢]، مفهومه وجوب الكفارة في العمد من باب أوْلى، إلَّا أنْ يُقال: ذنب المتعمِّد أعظم مِن أن يُتلافَى بالكفارة.

وكذا قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن أسلف في شيء فليُسْلِف في شيءٍ معلوم ووزنٍ معلوم إلى أَجلٍ معلوم" (١)، فإن أصحابنا قالوا: إذا جاز في المؤجَّل، ففي الحال مِن باب أَوْلى؛ لأنه أقَل [غرورًا] (٢) وأَبْعَد خطرًا.

وأما تضعيف تمثيل الكفارة بأنَّ العمد أشد فلا يُجبر بكفارة بخلاف الخطأ، وتضعيف تمثيل السلم بأنه ليس مِن الغَرر حتَّى يكون الحالُّ فيه كالمؤجَّل، فجوابهما:

أن الكفارة شُرعت للزجر، لا للجبر، وزجر المتعمِّد أَحَق مِن المخطئ.

وأن البيع لِما في الذمة له فوائد جُوِّز السلم لأجلها، وتلك موجودة في الحالّ كما في المؤجَّل مع كونه أَقَل خطرًا. وذلك كُله مبسوط في محله مِن الفقه.

والثاني: وهو المساوي، يُسمى "لحن الخطاب"، أي: معناه، كما قال تعالى: {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} [محمد: ٣٠].

مثاله قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا} [النساء: ١٠] ولا شك أن سائر الإتلافات كذلك في الوعيد.

وظاهر كلام ابن الحاجب أن هذا القِسم غير معتبر، وأن الأولوية شرط في الاحتجاج، حيث اقتصر في الموافقة على "فحوى الخطاب" وذكر أمثلته، ثم قال: (وهو تنبيه بالأدنى). أي: على الأعلى.


(١) صحيح البخاري (رقم: ٢١٢٥)، صحيح مسلم (رقم: ١٦٠٤).
(٢) كذا في (ص، ض، ت، ش)، لكن في (ز): غررا.

<<  <  ج: ص:  >  >>