للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نعم، كلام ابن الحاجب يقتضي أن هذا مِن شروط المذكور، لكن على معنى أن المذكور صُرح به لرفع الخوف، كقولك لمن يخاف من ترك الصلاة الموَسَّعة في أول الوقت: (تركُها أول الوقت جائز)، ليس مفهومه عدم الجواز في باقي الوقت، وهكذا إلى أن يتضيق كما سبق في المُوَسَّع.

ومنه: أن لا يكون سُكت عنه لكون المخاطَب غير جاهل به، ويمكن جعْل هذا من شروط المذكور، على معنى أن يكون ذِكره لأجل جهالة المخاطَب إياه، بخلاف المسكوت فإنه يَعلمه. كما لو قيل: (صلاة السُّنة فروضها كذا وكذا)، فلا يُقال: مفهومه أن الفرض ليس كذلك؛ لأنَّ ذلك معلوم.

وربما قُدِّر أن المتكلِّم جاهل بحكم المسكوت، وذلك في غير الشارع كما سبق نظيره في الخوف، فيكون التكلِّم - غير الشارع - إنما تَرك حُكم المسكوت جَهْلًا، فظهر للتخصيص بالذِّكر سبب آخَر.

وربما يُدَّعى أن ذلك من شروط المذكور، على معنى أنَّه خُص بالذكر؛ [لِجَهْل] (١) حُكم غيرِه.

ومن القسم الثاني: أنْ لا يكون ذُكر لكونه الغالب عادةً، فأما إنْ جَرَى على الغالب فإنه لا يُعتبر مفهومه، كقوله تعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ} [النساء: ٢٣]، فتقييد تحريم الربيبة بكونها في حجره لكونه الغالب، فلا يدل على حِل الربيبة التي ليست في حجره.

قال الماوردي: ({فِي حُجُورِكُمْ} أي: في بيوتكم. واختلف الفقهاء في اعتباره، فقال داود: إنه شرط في تحريم الربيبة. ومذهب الشَّافعي وأبي حنيفة وجمهور الفقهاء أنَّها


(١) في (ص): لجهله.

<<  <  ج: ص:  >  >>