للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَقبَرَةً للمُشرِكِينَ، وَالنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بَعدَ الهِجرَةِ إِنَّمَا نَزَلَ هُنَاكَ لَمّا بَرَكَت نَاقَتُهُ هُنَاكَ. فَهَذَا وَنَحوُهُ مِن الكَذِبِ المُختَلَقِ بِاتِّفَاقِ أَهلِ المَعرِفَةِ. وَبَيتُ لَحمٍ كَنِيسَةٌ مِن كَنَائِسِ النَّصَارَى، لَيسَ في إِتيَانِهَا فَضِيلَةٌ عِندَ المُسلمِينَ، سَوَاءٌ كَانَ مَولِدَ عِيسَى أَو لَم يَكُن، بَل قَبرُ إِبرَاهِيمَ الخَلِيلِ لَم يَكُن في الصَّحَابَةِ وَلَا التَّابِعِينَ لَهُم بِإِحسَانٍ مَن يَأتِيهِ لِلصَّلَاةِ عِندَهُ وَلَا الدُّعَاءِ، وَلَا كَانُوا يَقصِدُونَهُ لِلزِّيَارَةِ أَصلًا.

وَقَد قَدِمَ المُسلِمُونَ إِلَى الشَّامِ غَيرَ مَرَّةٍ مَعَ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ - رضي الله عنه -، وَاستَوطَنَ الشَّامَ خَلَائِقٌ مِن الصَّحَابَةِ، وَليسَ فِيهِم مَن فَعَلَ شَيئًا مِن هَذَا، وَلَم يَبنِ المُسلِمُونَ عَلَيهِ مَسجِدًا أَصلًا، لَكِن لَمّا استَولَى النَّصَارَى عَلَى هَذِه الأَمكِنَةِ في أَوَاخِرِ المِئَةِ الرَّابِعَةِ لَمّا أَخَذُوا البَيتَ المُقَدَّسَ ـ بِسَبَبِ استِيلَاءِ الرَّافِضَةِ عَلَى الشّامِ لَمّا كَانُوا مُلُوكَ مِصرَ. وَالرَّافِضَةُ أُمّةٌ مَخذُولَةٌ، لَيسَ لَهَا عَقلٌ صَرِيحٌ، وَلَا نَقلٌ صَحِيحٌ، وَلَا دِينٌ مَقبُولٌ، وَلَا دُنيَا مَنصُورَةٌ ـ قَوِيَت النَّصَارَى، وَأَخَذَت السَّوَاحِلَ وَغَيرَهَا مِن الرَّافِضَةِ، وَحِينَئِذٍ نَقَبَت النَّصَارَى حُجرَةَ الخَلِيلِ ـ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيهِ ـ، وَجَعَلَت لَهَا بَابًا، وَأَثَرُ النَّقبِ ظَاهِرٌ في هَذَا البَابِ.

فَكَانَ اتِّخَاذُ ذَلكَ مَعبَدًا مِمَّا أَحدَثَتهُ النَّصَارَى، لَيسَ مِن عَمَلِ سَلَفِ الأُمَّةِ وَخِيَارِهَا.» ا. هـ (١).

وَقَالَ ابنُ كَثِيرٍ - رحمه الله - بَعدَ ذِكرِهِ لحَدِيثٍ طَوِيلٍ في إِسلَامِ بلقِيسَ: «قَالَ ... أَبُو بَكرٍ ابنُ أَبِي شَيبَةَ: مَا أَحسَنَهُ مِن حَدِيثٍ! قُلتُ: بَل هُوَ مُنكَرٌ، غَرِيبٌ جِدًّا،


(١) اقتضاء الصراط المستقيم (٥٤٣ - ٥٤٦).

<<  <   >  >>