للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

في هَذِهِ الفَترَةِ، وَإِنَّ هَذِه الأَحَادِيثَ تَستَنِدُ عَلَى أَقوَالِ أَهلِ الكِتَابِ، سَواءٌ مَا كَان مِنهَا نَصًّا مَروِيًّا أَم أُسطُورَةً، كَمَا أَنّ زِيَارَةَ أَمَاكِنَ خَاصَّةٍ في القُدسِ ابتَدَأَت في هذِهِ الفَترَةِ.

وَيَقُولُ بَعدَ ذَلكَ إِنَّ أَوّلَ كِتابٍ مِن كُتبِ الفَضَائلِ خُصِّصَ لِلقُدسِ كَانَ كِتَابَ الخَطِيبِ أَبِي بَكرٍ الوَاسِطِيِّ خَطِيبِ المَسجِدِ الأَقصَى (١)، وَقَد ظَهَرَ الكِتَابُ عَامَ ٤١٠ هـ، بَينَمَا ظَهرَت كُتبُ فَضَائلَ خَاصَّةٍ بِمُدُنٍ أُخرَى قَبلَ هَذَا التّارِيخِ، وَمِن هَذِه الكُتُبِ: فَضَائِلُ قَزوِينَ، وَعَبَادَانَ، وَوَاسِطٍ، والبَصرَةِ، وَالكُوفَةِ، وجُرجَانَ، وَغَيرِهَا، مَع أَنَّ أَحَادِيثَ مُتَفَرِّقَةً عن فَضَائلِ القُدسِ كَانَت مَعرُوفَةً مِن أَيّامِ الزُّهرِيِّ الذِي تُوُفِّيَ سنةَ ١٢٤ هـ.

وَيُفَسّرُ حَسُّونُ هَذَا التَّأخرَ في الكِتَابَةِ المُفرَدَةِ عن فَضَائِلِ القُدسِ، بِأَنّهُ كَانَ نَتيجَةً لِلمَعرَكَةِ التِي قَالَ إِنّهَا كَانت مُحتَدِمَةً بَينَ مُؤَيِّدِي قَدَاسَةِ المَدِينَةِ وَمُنكِرِيهَا. فَبَعدَ سُقوطِ الأُمَويِّينَ، انتَقَلت العَاصِمةُ مِن الشَّامِ إِلَى العِرَاقِ، وتَضَاءَلت مَع هَذَا الانتِقَالِ، كَمَا يَقُولُ حَسُّونُ، أَهَمِيّةُ القُدسِ، وَيَستَشهِدُ عَلَى ذَلكَ بِأَنّ المَنصُورَ عِندَمَا طُلِبَ إليهِ إِرسَالُ الأَموَالِ لِترمِيمِ مَسجِدِ الصَّخرَةِ أَمَرَ بِأَن تُضرَبَ صَفَائِحُ الذّهَبِ والفِضّةِ التِي عَلَى أَبوَابِ المَسجِدِ لِيُنفَقَ مِنهَا عَلَى التّرمِيمِ. ثُم يُسَلِّمُ هَذا الكَاتِبُ اليَهُودِيُّ دُونَ تَرَدُّدٍ بِأَنّ تَاجَ كِسرَى وَقَرنَي كَبشِ إِبرَاهِيمَ كَانَت في المَسجِدِ الأَقصَى، ثُمّ نُقِلت زَمَنَ العَبّاسِيِّينَ مِنَ القُدسِ إِلَى الكَعبَةِ!

وَيُوَافِقُ حَسُّونَ عَلَى مَا قَالَ بِهِ أَحَدُ بَنِي قَومِهِ سِيفَانُ Sivan ، مِن أَنَّ كِتَابَي الوَاسِطِيِّ وَأَبِي المَعَالِي المَقدِسِيِّ عن فَضَائِلِ القُدسِ قَد كُتِبَا بَعدَ حَملةِ اضطِهَادٍ


(١) سبق الرد على ذلك بأن الوليد بن حماد الرملي (توفي قبل الثلاث مئة) له كتاب في الفضائل. (عمرو)

<<  <   >  >>