للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَامَ بِهَا الحَاكِمُ بِأَمرِ اللهِ الفَاطِمِيُّ ضِدّ المَسِيحِيِّينَ، وَقَد استَعَانَ كَذَلكَ في هَذَا الصَّدَدِ بِفَرضِيَّةِ جُوِيتِينَ Goitein القَائِلَةِ بِأَنّ مَسجِدَ الصّخرَةِ قَد بُنِيَ لِيُنَاظِرَ مَبَانِيَ الكَنَائسِ المَسِيحِيَّةِ. ثُمَ يَجنَحُ إِلَى فَرضِيَّةٍ غَرِيبةٍ جِدًّا، مُؤَدَّاهَا أَنّهُ في سَنَةِ ٤٠٧ هـ وَقَعت قُبّةُ الصّخرَةِ، وَأنَّ خَطِيبَ المَسجِدِ (١) قَد جَمَعَ عَلَى أَثرِ ذَلكَ الأَحَاديثَ وَالرّوَايَاتِ المُتَعَلّقَةَ بِفَضَائِلِ القُدسِ مِن أَجلِ جَمعِ الأَموَالِ بُغيَةَ إِعَادَةِ بِنَاءِ المَسجِدِ وَتَرمِيمِهِ، وَأَنّهُ قَد تَشَجّعَ عَلَى الرّبطِ بَينَ القُدسِ وَكُلٍّ مِن مَكّةَ وَالمَدِينَةِ بِسَبَبِ مَا وَقَعَ لِلرُّكنِ اليَمَانِيّ في الكَعبَة مِن تَصَدُّعٍ وَمَا أَصَابَ أَحدَ الأَسوَارِ الخَارِجِيّةِ لقَبرِ الرّسُولِ - عليه السلام - مِن سُقُوطٍ في السّنَةِ نَفسِهَا ٤٠٧ هـ.

وَيَدَّعِي حَسُّونُ بَعدَ ذَلكَ أَنّ مُعَاوِيَةَ هُو الذِي أَشَاعَ عن القُدسِ أَنّهَا أَرضُ المَحشَرِ وَالمَنشَرِ، ثُمّ يَتَصَوّرُ أَنّ رَدّ صَعصَعَةَ بنِ صُوحَانٍ عَلَى مُعَاوِيَةَ ـ عِندَمَا قَالَ مُعَاوِيَةُ لَهُ وَلأَصحَابِهِ: « ... وَقَدِمتُم الأَرضَ المُقدّسَةَ، وقَدِمتُم أَرضَ المَحشَرِ وَالمَنشَرِ»، بِقَولِهِ: «إِنّ الأَرضَ لَا تُقَدَّسُ، لَكِنَّ أَهلَهَا يُقَدِّسُونَهَا ... وَإِنّ بُعدَ الأَرضِ لَا يَنفَعُ كَافِرًا وَلَا يَضُرُّ مُؤمِنًا». ـ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مُعَاوِيَةَ هُو الذِي ابتَدَعَ هَذا الوَصفَ لِأرضِ القُدسِ وَفِلسطِينَ.

ثُمّ يُورِدُ مِن أَجلِ التّقلِيلِ مِن مَكَانَةِ القُدسِ عِندَ المُسلِمِينَ قِصَّةَ حَدِيثِ أَبِي عُبَيدَةَ قَبلَ وَفَاتِه، عِندَمَا طَلَبَ هَذَا الصَّحَابِيُّ الجَلِيلُ أَوّلًا أَن يُدفَنَ في الأَرضِ المُقَدّسةِ غَربَي النَّهرِ ـ فِلسطِين ـ، ثُمّ عَادَ وَطَلبَ أَن يُدفَنَ حَيثُ يَمُوتُ؛ لِكَيلَا يُصبِحَ دَفنُ قَادَةِ المُسلِمينَ في أَرضِ فِلسطِين سُنَّةً مُتَّبَعَةً.


(١) يقصد بذلك أبا بكر الواسطي صاحب كتابنا هذا فقد كان خطيب المسجد الأقصى. (عمرو)

<<  <   >  >>