للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَفِي سَبِيلِ بُلُوغِ الهَدفِ ذَاتِهِ ـ التَّقليلِ مِن مِكَانَةِ القُدسِ في الإِسلَامِ ـ، يَقُولُ حَسُّونُ إِنّ كُتبَ الجَرحِ وَالتَّعدِيلِ، وَكُتبَ الرِّجَالِ، وُكُتبَ المَوضُوعَاتِ مِن الأَحَادِيثِ لَم تَتَقَبّل الأَحَاديثَ المُتَعَلِّقَةَ بَفَضَائلِ المُدُنِ وَالأَمصَارِ.

وَبَعدَ ذَلكَ يُورِدُ بِصُورَةٍ مُطَوّلَةٍ مَوَادَّ مِن رِسَالَةِ ابنِ تَيمِيَةَ المُسَمَّاةِ (قَاعِدَةٌ في زِيَارَةِ بَيتِ المَقدِسِ) لِيَستَخلِصَ مِنهَا أَنَّهُ لَم تَكُن لِلقُدسِ تِلكَ المَكَانَةُ العَظِيمَةُ عِندَ المُسلِمِينَ (١).

وَهُنَا يَنبَغِي أَن يُذكَرَ أَنّ صَاحِبَ هَذِه الأَقوَالِ هُو أَيضًا مِن العَامِلِينَ في مَعهَدِ الدِّرَاسَاتِ الآسيَوِيَّةِ وَالأَفرِيقِيَّةِ في الجَامِعَةِ العِبرِيَّةِ بِالقُدسِ في أَرضِ فِلسطِينَ المُحتَلَّةِ.

٣ - أَمّا تَشَارلز مَاثيُوز الأَمرِيكِيُّ فَإِنّهُ لَم يُحَاوِل أَن يَنفِيَ صِفَةَ القَدَاسَةِ عِندَ المُسلِمِينَ لِمَدينَةِ القُدسِ في أَيِّ وَقتٍ مِن الأَوقَاتِ أَو أَن يُوحِيَ بِأَنّ الأُمَوِيِّينَ هُمُ الذِينَ أَضفَوا عَلَيهَا مَكَانَةَ قَدَاسَةٍ خَاصَّةٍ، إِلّا أَنّه مَعَ ذَلكَ ذَكَرَ أَنّ مِمّا زَادَ مِن تَقدِيسِ المُسلِمِينَ لِفِلسطِينَ مَا فَعلَهُ عبدُ المَلِكِ بنُ مَروَانَ، وَذَلكَ عِندَمَا بَنَى قُبَّةَ الصَّخرَةِ لِمَنعِ الحُجَّاجِ مِنَ الحَجّ إِلَى مَكّةَ زَمَنَ ابنِ الزُّبَيرِ، وَيَستَشهِدُ مَاثيُوز بِمَا أَورَدَهُ المُؤَرِّخُ اليَعقُوبِيُّ مِن أَنّ الحُجّاجَ أخَذُوا يَطُوفُونَ بِالصّخرَةِ كَمَا كَانُوا يَطُوفُونَ بِالكَعبَةِ، وَأنَّ هَذِه العَادَةَ بَقِيت طِيلَةَ حُكمِ الأُمَوِيِّينَ، وَلَو أَنّه يَستَدرِكُ بَعدَ ذَلكَ فَيقُولُ إِنّهُ لَم يَكُن بِالإِمكَانِ تَحوِيلُ الحَجِّ عن مَكّةَ وَعَن زِيَارَةِ الَمدِينَةِ، غَيرَ أنَّ الكَثِيرِينَ مِن المُؤمِنِينَ بَقوا يَنجَذِبُونَ نَحوَ فِلسطِينَ لِزِيَارَةٍ أقَلَّ شَأنًا مِن الحَجِّ. ثُم يُضِيفُ أَنّ تَعَلُّقَ المُسلِمينَ بِفِلسطِينَ قَد ازدَاد


(١) انظر: Symposium: Muslim Literature in Praise of Jerusalem, PP ١٦٩ - ١٧٦.

<<  <   >  >>