للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

The Rock") أَورَدَ فِيهِ قِسمًا كَبِيرًا مِمّا وَردَ في كِتَابِهِ اللاحِقِ، وَوصَفَ فِيهِ رِوَايَتَي اليَعقُوبِيِّ وَابنِ البَطِريقِ عن دَوَافِعِ عَبدِ المَلكِ لِبنَاءِ قُبَّةِ الصَّخرَةِ بِأنَّهُ قَد قُصِدَ مِنهُما تَشوِيهُ سُمعَةِ الأُمَوِيِّينَ، ثُمَّ أَورَدَ رِوَايَاتٍ عن الزُّهَّادِ وَالصُّوفِيِّينَ المُسلِمِينَ الّذِينَ أَظهَرُوا تَعَلُّقًا خَاصًّا بِمَدِينَةِ القُدسِ، وَقَالَ إِنَّ جَمِيعَ الزَّهَّادِ القُدَماءِ تَقرِيبًا ـ عَلَى الرَّغمِ مِن أَنَّ مُعظَمَهم مِن إِيرَانَ وَأقطَارٍ إِسلَامِيةٍ أُخرَى ـ مِثلَ سُفيَانَ الثَّورِيَّ، وَإِبرَاهيمَ بنَ أدهَمَ، وَأبَا يَزِيدَ البِسطَامِيَّ، وَبِشراً الحَافِيَّ، كَانُوا مِمّن زَارُوا القُدسَ. وَقَد سَارَ الغَزَاليُّ عَلَى نَهجِ هَؤُلاءِ، فَأَتَى إِلَى القُدسِ وَاعتَكفَ في الصَّخرَةِ، ثُمّ قَالَ عن زَاهدٍ فَارِسيٍّ مِن ذَوِي التَّقوَى وَالصَّلَاحِ أَسماهُ الكَزرُونِيِّ إِنَّهُ كَانَ لَا يَأكُلُ مِن الخُبزِ إِلّا مَا عُملَ مِن قَمحِ القُدسِ؛ لِأنَّ الطَّعامَ ـ كَمَا كَانَ يَعتقِدُ ـ لَم يَكُن حَلَالًا إِلّا هُنَاكَ (١).

***

وَفِيمَا يَلِي اجتِهَاداتُ كَاتبِ هَذِهِ السُّطُورِ في تَعلِيلِ التَّأخِيرِ في تَألِيفِ الكُتبِ المُتخَصِّصَةِ في فَضَائلِ القُدسِ:

أَوّلُ مَا يَخطُرُ في الذِّهنِ أَنّ مِنَ الجَائزِ أَلَّا نَكُونَ حَتَّى الآنَ قَد عَثرنَا عَلَى مُؤَلَّفَاتٍ سَبقَت القَرنَ الخَامِسَ الهِجرِيَّ في فَضَائِل هَذِهِ المَدِينَةِ، إمَّا لِأنَّ هَذِهِ المُؤلَّفَاتِ قَد ضَاعَت كُلِّيَّةً عَبرَ القُرُونِ المُتَلاحِقةِ الّتِي أَعقَبَت تَألِيفَهَا، أَو لِأنَّ بَعضاً منهَا مِنهَا مَوجُودٌ في مَكَانٍ مَا وَلكِن لَم يُعثَر عَلَيهِ بَعدُ. وَبِالنِّسبَةِ إِلَى إِمكَانِيَّةِ الضَّياعِ المُطلَقِ لِهذِهِ الكُتبِ أَو الاختِفَاءِ المُؤَقَّتِ لَهَا فَإِنَّ لَدَينَا أَمثِلَةٌ تُثبِتُ أَنَّ هَذِهِ الإِمكَانِيةِ قَائِمةٌ بِالفِعلِ في إِطَارِ مَا وَقفنَا عَلَيهِ مِن مَعلُومَاتٍ (٢).


(١) انظر: Journal of The American Oriental Society, Vol. LXX, pp. ١٠٥, ١٠٧, ١٠٨.
(٢) مثل كتاب «الوليد بن حماد الرملي» المشار إليه آنفًا (عمرو).

<<  <   >  >>