للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

حَرَّكَتهُ دَوَافِعُ سِيَاسِيَّةِ، وَأَورَدَ الآيَةَ القُرآنِيَّةَ (١)

التِي استُعمِلت فِيهَا هَذِهِ العِبَارَةُ لِلدِّلَالَةِ عَلَى فِلَسطِينَ، وَقَالَ إِنّ عُروَةَ بنَ الزُّبَيرِ قَد استَعمِلَ في وَقتٍ مُبَكِّرٍ عِبَارةَ «الأَرضِ المُقدّسةِ» لِلدّلَالةِ عَلَى فِلسطِينَ، وَأَنّ فِلَسطِينَ قَد قُدّسَت لِأنّهَا كَانَت أَرضَ النُّبُوَّاتِ وَمَنزَلَ الوَحيِ، وَأَنَّ الرَّسُولَ - صلى الله عليه وسلم - قَد حَثَّ أَصحَابهُ عَلَى السَّكَنِ في بِلَادِ الشَّامِ الّتِي تَحتَوِي مَدِينَةَ القُدسِ، وَأَنَّ تَحَوُّلَ بِلَادِ الشَّامِ فِيمَا بَعدُ إِلى أَرضِ جِهادٍ طِيلَةَ أَحقَابٍ مُتعَاقِبةٍ ضِدَّ البِيزَنطِيِّينَ كَانَ سَبَبًا آخَرَ في إِضفَاءِ القُدسِيَّةِ عَلَيهَا بِاعتِبَارِهَا أَرضَ مُرَابَطةٍ وَجِهَادٍ، ثُمَّ ذَكرَ أَنّ الزَّاهِدَ المَعرُوفَ إِبرَاهِيمَ بنَ أَدهَمَ قَد تُوُفّيَ وَهُوَ في حَملَةٍ كَانَت مُوَجّهَةً ضِدّ البِيزَنطِيِّينَ (٢).

وَفِي نِهَايةِ دِرَاستِهِ هَذِه عن قُدسِيَّةِ القُدسِ وَفَلسطِينَ يَخلُصُ إِلَى أَنّ الكِتابَاتِ الإِسلَامِيةَ الأُولَى تَحتَوِي قَدرًا كَبِيرًا مُنذُ القَرنِ الأَوَّلِ عن قَدَاسَةِ فِلسطِينَ وَالقُدسِ وَقُبةِ الصَّخرَةِ، وَأَنَّهُ لَا يُمكِنُ القَبُولُ بِأنَّ هَذِهِ الأَقوَالَ كَانت نَتِيجَةً لِلنّزَاعِ بَينَ الأُمَويِّينَ وَابنِ الزُّبَيرِ، وَأَنَّه لَا أَسَاسَ لِلقَولِ بِأنَّ الصَّخرَةَ قَد بُنِيت لِتَحوِيلِ الحَجِّ إِلَى القُدسِ، وَأَنَّهُ قَد آنَ الأَوانُ لِاختِفَاءِ هَذِهِ الأُسطُورَةِ الشِّيِعيَّةِ مِن الكُتبِ، وَأَنَّ مُعَارَضَةَ عُلَماءِ المُسلِمِينَ لِلإفرَاطِ في تَقدِيسِ القُدسِ وَفَلسطِينَ وَقُبةِ الصَّخرَةِ لَم تَكُن ذَاتَ عِلَاقَةٍ بِأَشيَاءَ سِيَاسِيَّةٍ طَارِئَةٍ بَل كَانَت نَابِعةً مِن حَوَافِزَ دِينِيَّةٍ أَصِيلَةٍ (٣).

وَقَبلَ سِتّة عَشَرَ عَامًا مِن تَألِيفِ جُوِيتِينَ هَذَا الكِتَابَ كَانَ قَد نَشرَ مَقَالًا في مَجَلَّةِ الجَمعِيَّةِ الشَّرقِيَّةِ الأَمِيرِكِيّةِ بِعُنَوانِ (الخَلفِيّةِ التَّارِيخِيَّةِ لِبنَاءِ قُبّةِ الصَّخرَةِ " The Historical Background of The Erection of The Dome of


(١) الآية هي: {يَاقَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ} [المائدة: ٢١] ..
(٢) انظر: Studies in Islamic History and Intuitions, pp. ١٣٨, ١٤٣, ١٤٦.
(٣) انظر: Studies in Islamic History and Intuitions, pp. ١٤٧ - ١٤٨.

<<  <   >  >>