للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَمَّا التَفسِيرُ الرَّابِعُ المُحتَمَلُ لِتأَخُّرِ الكِتَابَةِ في فَضَائِلِ المَدِينَةِ عَلَى نَحوٍ تَخَصُّصِيٍّ فَهُوَ أَنَّ كِتَابَاتٍ مُتَفرِّقَةً كَثِيرَةً عَنهَا قَد وَرَدت قَبلَ القَرنِ الخَامِسِ الهِجرِيِّ ـ في أَنمَاطٍ مُختلِفَةٍ مِن الكُتبِ، سَوَاءٌ أَكانَت كُتبَ تَفسِيرٍ وَحَدِيثٍ أَم كُتبَ تَارِيخٍ وَجُغرَافِيَّةَ، أَم كُتبَ أَدبٍ، أَم أَيُّمَا نَمطٍ آخرَ مِن الكُتبِ ـ. وَالوَاقِعُ أَنّه قَلَّ أَن كُتِبَ عن مَدِينَةٍ إِسلَامِيَّةٍ في إِطَارِ أَنمَاطٍ مُختَلِفةٍ مِن الكُتبِ التِي أُلِّفَت قَبلَ القَرنِ الخَامِسِ مِثلَمَا كُتبَ عن مَدِينَةِ القُدسِ.

وَهُنَا يَنبَغِي أَن نَستَذكِرَ أَنّ التَّوارِيخَ المَحلِّيّةَ لِلمُدنِ إِنَّما كَانَت في الأَصلِ انبِثَاقًا عن التَّارِيخِ العَامِّ، وَأَنَّ كُتُبَ التَّارِيخِ القَدِيمَةِ، بَل الكُتبَ العَرَبِيَّةَ القَدِيمَةَ في المَوضُوعَاتِ المُختَلِفَةَ، كَانَ فِيهَا نَوعٌ مِن الشُّمُولِ لِأَلوَانِ المَعَارِفِ نَشَأَ عَنهُ اختِلَاطُ مَادَّةِ الأَدبِ بِالتَّارِيخِ وَالجُغرَافِيَّةِ وَالعُلُومِ الإِسلَامِيَّةِ وَغَيرِهَا مِن أَنمَاطِ المَعَارِفِ المُختَلفَةِ. وَلِذَا، فَإِنَّهُ يُمكِنُ القَولُ بِكَثِيرٍ مِن الاطمئنَانِ إِنَّهُ رُبَّمَا كَانَ مَا كُتبَ عن القُدسِ قَبلَ القَرنِ الخَامِسِ الهِجرِيِّ ـ وَهُوَ مَادَّةٌ غَزِيرَةٌ في أَنوَاعٍ مُختَلِفَةٍ مِن المُؤَلَّفَاتِ ـ سَببًا أَسَاسيًّا في تَأخُّرِ الكِتابَةِ عَنهَا في إِطَارِ فَضَائِلهَا الخَاصَّةِ بِهَا دُونَ غَيرِهَا.

وَقَد يَتَّضِحُ هَذَا الأَمرُ بِصُورَةٍ مَلمُوسَةٍ مِن خِلَالِ إِيرَادِ أَسمَاءِ مَجمُوعَةٍ مَنَ الكُتبِ الّتِي أُلِّفَت في فُروعٍ مُختَلفِةٍ مِن المَعرِفَةِ وَلَكنَّهَا احتَوَت مَعلُومَاتٍ عن القُدسِ وَأَولَت الحَدِيثَ عَنهَا اهتمَامًا خَاصًّا. وَالكُتبُ المَقصُودَةُ هُنَا هِيَ بِالطَّبعِ تِلكَ الّتِي أُلِّفَت قَبلَ القَرنِ الخَامِسِ الهِجرِيِّ. فَمِن هَذهِ الكُتبِ:

١ - فُتُوحُ الشَّامِ، لِلوَاقِدِيِّ: المُتَوفَّى سَنةَ ٢٠٧ هـ، وَلِذا فَإِنه يُعَد مِن مُؤلِّفِي القَرنِ الثَّانِي الهِجرِيِّ.

<<  <   >  >>