للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

لِلمَسجِدِ الأَقصَى بَيَّنَ أَبعَادَهُ وَقِياسَاتِهِ، وَقَالَ في وَصفِ قُبَّةِ الصَّخرَةِ: «وَعَلَى الجُملَةِ، لَم أَرَ في الإِسلَامِ، وَلَا سَمِعتُ أَنَّ في الشِّركِ مِثلَ هَذِهِ القُبَّةِ» (١).

وَقَد تَحدَّثَ ابنُ الفَقِيهِ في كِتَابِ (البُلدَانُ) عن الآيَاتِ القُرآنِيةِ التِي فَسَّرهَا مُقَاتِلٌ بِأَنهَا ذَاتُ عِلَاقَةٍ بِالقُدسِ، وَأَورَدَ بَعضَ أَحادِيثَ مَنسُوبَةً إِلَى الرَّسُولِ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ عِلَاقَةٍ بِالقُدسِ، وَمِنهَا: «سَتُهَاجِرُونَ هِجرَةً إِلَى مُهَاجَرِ إِبرَاهِيمَ» يَعنِي بَيتَ المَقدِسِ، و «وَمَن صَبَرَ عَلَى لَأوَائِهَا وَشِدَّتِهَا رَجَاءَ اللهِ يَرزُقُهُ مِن بَينِ يَدَيهِ وَمِن خَلفِهِ وَعَن يَمِينِهِ وَيَسَارِهِ وَمِن فَوقِهِ وَمِن تَحتِهِ». ثُمَّ وَصَفَ قُبَّةَ الصَّخرَةِ وَالمَسجِدَ، وَتَحدَّثَ عن تَولِيَةِ الوَلِيدِ بنِ عَبدِ المَلكِ أَخاهُ سُلَيمَانَ جُندَ فِلَسطِينَ (٢).

أَمَّا ابنُ قُتَيبَةَ، فَإِنَّهُ رَكّزَ في كِتَابِهِ (عُيونُ الأَخبَارِ) عَلَى أَخبَارِ أَهلِ الكِتَابِ وَقِصَصهِم المُتعَلِّقَةِ بِالقُدسِ. فَمِن ذَلكَ مَا نَقَلَ عن وَهبِ بنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: أَوحَى اللهُ إِلَى نَبيٍّ مِن أَنبِيَاءِ بَنِي إِسرَائِيلَ يُقَالُ لَهُ أَرمِيَاءُ حِينَ ظَهرَت فِيهُم المَعَاصِي: «أَن قُم بَينَ ظَهرَانَي قَومِكَ، فَأَخبِرهُم أَنَّ لَهُم قُلُوبًا وَلَا يَفقَهُونَ، وَأَعيُنًا وَلَا يُبصِرُونَ، وَآذَانًا وَلَا يَسمَعُونَ، وَأَنِّي تَذَكَّرتُ صَلَاحَ آبَائِهِم فَعَطَّفَنِي ذَلكَ عَلَى أَبنَائِهِم. سَلهُم كَيفَ وَجَدُوا غِبَّ طَاعَتِي، وَهَل سَعِدَ أَحدٌ مِمّن عَصَانِي بِمعصِيَتِي، وَهَل شَقِيَ أَحدٌ مِمَّن أَطَاعَنِي بِطَاعَتِي؟ إِنَّ الدَّوَابَّ تَذكُرُ أَوطَانَهَا فَتَنزِعُ إِلَيهَا، وَإِنَّ هَؤُلاءِ القَومَ تَركُوا الأَمرَ الّذِي أَكرَمتُ عَليهِ آبَاءهُم وَالتَمَسُوا الكَرَامَةَ مِن غَيرِهَا، فَيَا وَيلَ إِيلِيَاءَ وَسُكَّانِهَا!


(١) انظر: «أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم» ط. ليدن ١٩٦٧ (ص: ١٦٥، ١٧١).
(٢) انظر: «كتاب البلدان» لأبي بكر بن محمد الهمذاني المعروف بابن الفقيه، ليدن ١٩٦٧، (ص: ٩٣، ٩٤، ٩٥، ١٠١، ١٠٢).

<<  <   >  >>