ويتقاتلون بها وطعامهم اللوز والقسطل، فأقاموا عندهم شهراً وأخذوا من قضبان الذهب شيئاً كثيراً ولم يمنعهم أهل الجزيرة من أخذ ذلك؛ وأقاموا حتى هبت رياحهم فسافروا على السمت الذي قال لهم الخضر عليه السلام، فتخلصوا ونجوا بمشيئة ذي الجلال والإكرام.
جزيرة الطويران: وهي جزيرة خصبة ذات أشجار وثمار وأعين وأنهار، وبها قوم أبدانهم أبدان الآدميين ورؤوسهم كرؤوس السباع والكلاب. وبهذه الجزيرة نهر شديد البياض وعلى شاطئه شجرة عظيمة تظل خمسمائة رجل، فيها من كل ثمرة طيبة مشرقة بأنواع الألوان، وكل ثمرها أحلى من الشهد والعسل، وطعم كل ثمرة لا يشبه طعم الأخرى، وتلك الثمار ألين من الزبد وأذكى رائحة من المسك، ورقها كحلل الحرير والديباج. وهذه الشجرة تسير بسير الشمس ترتفع من الغد إلى الزوال، وتنحط من الزوال إلى الغروب حتى تغيب بغيبة الشمس.
وذكر أن أصحاب ذي القرنين وصلوا إلى هذه الجزيرة ورأوا تلك الشجرة فجمعوا من ثمرها شيئاً كثيراً ومن أوراقها ليحملوا ذلك إلى ذي القرنين فضربوا على ظهورهم بسياط مؤلمة، يحسون بوقع السياط ولا يرونها ولا يدرون من الضارب، ويصيحون بهم ردوا ما أخذتم من هذه الشجرة ولا تتعرضوا لها فردوا ما أخذوا منها وركبوا مراكبهم وسافروا عنها.
وجزيرة العباد: وهي جزيرة عظيمة دخلها ذو القرنين فوجد بها قوماً قد أنحلتهم العبادة حتى صاروا كالحمم السود. فسلم عليهم فردوا عليه السلام. فسألهم: ما عيشكم يا قوم في هذا المكان؟ فقالوا: ما رزقنا الله تعالى من الأسماك وأنواع النباتات، ونشرب من هذه المياه العذبة. فقال لهم: ألا أنقلك إلى عيشة أطيب مما أنت فيه وأخصب؟ فقالوا له: وما نصنع به؟ إن عندنا في جزيرتنا هذه ما يغني