جميع العالم ويكفيهم لو صاروا إليه وأقبلوا عليه. قال: وما هو؟ فانطلقوا به إلى واد لا نهاية لطوله وعرضه، يتقد من ألوان الدر والياقوت والكهرمان والأصفر والأزرق والزبرجد والبلخش والأحجار التي لم تر في الدنيا، والجواهر التي لا تقوم. ورأى شيئاً لا تحمله العقول ولا يوصف بعض بعضه، ولو اجتمع العالم على نقل بعضه لعجزوا. فقال: لا إله إلا الله، سبحان من له الملك العظيم ويخلق الله ما لا تعلمه الخلائق.
ثم انطلقوا به من شفير ذلك الوادي حتى أتوا به إلى مستوى واسع من الأرض لا تنهيه الأبصار، به أصناف الأشجار وأنواع الثمار وألوان الأزهار وأجناس الأطيار، وخرير الأنهار وأفياء وظلال ونسيم ذو اعتلال، ونزه ورياض وجنات وغياض. فلما رأى ذو القرنين ذلك سبح الله العظيم واستصغر أمر الوادي وما به من الجواهر عند ذلك المنظر البهيج الزاهر. فلما تعجب من ذلك قالوا له: أي ملك ملك في الدنيا بعض بعض ما ترى؟ قال: لا وحق عالم السر والنجوى، فقالوا: كل هذا بين أيدينا ولا تميل أنفسنا إلى شيء من ذلك. وقنعنا بما نقوى به على عبادة الرب الخالق. ومن ترك لله شيئاً عوضه الله خيراً منه، فاتركنا ودعنا بحالنا أرشدنا الله وإياك. ثم ودعوه وفارقوه وقالوا له: دونك والوادي فاحمل منه ما تريد. فأبى أن يأخذ من ذلك شيئاً.
وجزيرة الحكماء: وهي جزيرة عظيمة وصل إليها الإسكندر فرأى بها قوماً لباسهم ورق الشجر وبيوتهم كهوف في الصخر والحجر، فسألهم مسائل في الحكمة فأجابوه بأحسن جواب وألطف خطاب. فقال لهم: سلوا حوائجكم لتقضى. فقالوا له: نسألك الخلد في الدنيا، فقال: وأنى ذلك لنفسي؟ ومن لا يقدر على زيادة نفس من أنفاسه كيف يبلغكم الخلد؟ فقالوا له: نسألك صحة في أبداننا ما بقينا؛ قال: