تلك القبة طائر غراب، يطير ويحط ولا يزال عليها. ومقابل القبة مسجد يزوره المسلمون ويقولون إن الدعاء فيه مستجاب. وقد شرط على أهل تلك الكنيسة ضيافة من يزور ذلك المسجد من المسلمين. فإذا قدم زائر للمسجد أدخل الغراب رأسه إلى داخل الكنيسة وصاح صيحات بعدد الزوار، إن كان واحداً فواحدة، أو اثنين فاثنتين، أو عشرة فعشرة، لا يخطئ أبداً. فينزل أهل تلك الكنيسة بالضيافة إليهم على عدتهم لا يزيدون ولا ينقصون. وذكر القسيسون أنهم ما زالوا يرون ذلك الغراب ولا يدرون من أين مأكله ومشربه؟ وتعرف تلك الكنيسة بكنيسة الغراب.
ومن عجائب هذا البحر ما ذكره أبو حامد من أنه قال: لما غاض بحر الروم انكشف عن مدن وعمارات لا توصف، وبه الشيخ اليهودي وهو حيوان كالإنسان وله لحية بيضاء وبدن كبدن الضفدع، وشعره كشعر البقر وهو في قدر البغل، يخرج من البحر في كل ليلة سبت فلا يزال في البر حتى تغيب الشمس فيثب وثبة فلا يلحقه أحد، وهو يثب كما يثب الضفدع.
وحدث عبد الرحمن بن هرون المغربي قال: ركبت هذا البحر فوصلنا إلى موضع يقال له الرطون وكان معنا غلام صقلبي، معه صنارة فدلاها في البحر فصاد سمكة قدر الشبر فنظرنا فإذا مكتوب خلق أذنها الواحدة: لا إله إلا الله، وفي قفاها وخلف أذنها الأخرى: محمد رسول الله.
البغل: وهي سمكة كبيرة قال أبو حامد الأندلسي: رأيت هذه السمكة بمجمع البحرين مثل الجبل العظيم، وقد لازمتها سمكة أكبر منها في الظلمات، فهربت المسماة بالبغل منها، وجدت الأخرى في طلبها، ولما عاين البغل منها لاجد صاحت