للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما التاجر إليهم فهو قريب من الجاسوس أو عينه، لأنّ الغالب عليه أنّ النصارى يسألونه عن أحوال المسلمين، ولا يجد بدًّا من جوابهم، ولأنّه يعينهم بما نقل إليهم من أنواع المتاجر ولاسيّما السلاح، ومن أعانهم فقد أشرك في دماء المسلمين- كما يأتي-.

وقد أفتى سيدي "محمد بن سودة"، والشيخ "ميّارة " والإمام "الأبّار" حسبما في "نوازل الزياتي": (يقتل من باع مملوكاً للعدوّ، حيث كان لا ينفك ١ عن فساده إلاّ بالقتل، لأنه من أهل العبث ٢ وإدخال الضرر على المسلمين) اهـ.

فحكم هذا التاجر كذلك إنْ كان لا ينفك (إلاّ به) ٣، وإلاّ فالعقوبة [٥/أ] عليه في ماله أو بدنه- على ما يأتي في فصل العقوبة بالمال-٤.

وأما الكاتمون للجواسيس والغصّاب والمفرّطون ٥ في حراستهم من إخوانهم بعد التقدّم إليهم، فعقوبتهم واجبة ولا يستحقون قتلاً، وإنّما وجبت عقوبتهم لأنّ حرس الجواسيس ونحوهم من المتلبّسين بالتجارة إليهم، جهاد يتعيّن بتعيين الإمام.

[قال] "خليل": (وتعيّن بتعيين الإمام، وإنْ على إمرأة) ٦ باختصار.


= القطع أو النفي لا يرفعان فساده في الأرض وعاديته على المسلمين عنهم، وعلى هذا ينبغي أن يحمل قول مالك: أرى فيه اجتهاد الإمام).
١ - في "ب" و"ج" (ينكف) وكلا المعنيين صحيح.
٢ - أي: أهل الاستخفاف بالدين واللّعب والهزل. أنظر: ابن منظور- لسان العرب: ٢٧٧٥، البستاني- فاكهة البستان: ٨٩٨.
٣ - في "الأصل" (الأيدي)، وكذلك في"ب"، وهو تصحيف، والصواب ما أثبتناه من "ج".
٤ - أنظر الفصل الخامس من المسألة الأولى.
٥ - المقصرون والمضيعون، يقال: (فرط الرجل في الأمر فرطاً)، قصّر فيه وضيّقه حتى فات.
أنظر: الرازي- الصحاح: ٣٩٢، الفيومي- المصباح المنير: ٢/ ٢٤٢.
٦ - أنظر: مختصر خليل: ٩٦، (باب: الجهاد) والنص كما ورد: (وتعيّن بفجأ العدوّ، وان على امرأة، وعلى من يقربهم إن عجزوا، وبتعيين الإمام).

<<  <   >  >>