للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفصل السادس ١

في زيادة تحقيق بعض ما تقدّم، وكيفية

إجرائه على المنصوص المُسَلّم

ــ

فقد علمت- ممّا مرّ- أنّه إذا زنا شخص، أو سرق، أو حارب مثلاً، وثبت ذلك بما لا مطعن ٢ له فيه، وظفر به الإمام، فلا يسجن لإعطاء المال بل ليقام الحدّ عليه، ولا عذر لهم في كونه يتعذّر حدّه، لأنّه لا تعذّر بعد الظفر بعينه، لأنّ من سجن لاعطاء المال يمكن إقامة الحدّ عليه قطعاً، وإقامته متعبد بها يثاب مقيمها على إقامتها الثواب الجزيل الذي لا حدّ له، لأنّه قد نفّذ أوامر الله في عباده، ولا فرق في ذلك بين الشريف والمشروف، وبين ذي الوجاهة ٣ والضعيف.

ومن سجن الزناة والقاذفين (وقاتلي) ٤ الغيلة ٥ مثلاً، وذوي الحرابة والسراق، لأخذ الأموال بعد ثبوت ذلك عليهم بموجبه ثم سرّحهم ٦: فقد بدّل الأحكام الشرعية، ومن بدّلها دخل في قوله- تعالى-: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ،


١ - نقل هذا الفصل بتمامه المهدى الوزاني في "المعيار الجديد": ١٠/ ١٩٥ - ٢٠٤.
٢ - في "ب": (طعن).
٣ - ذو الجاه والقدر والرتبة، يقال: "وقد وجه الرجل": صار وجيهاً، أي: ذا جاه وقدر. (الفيومي- المصباح المنير: ٢/ ٣٦٦).
٤ - في "الأصل" (وقاتل) وما أثبتناه من "ب" و"ج" و"د" مناسب للسياق، لأن ما قبله جاء بصيغة الجمع، وهو معطوف عليه.
٥ - بكسر الغين: الاغتيال، يقال: "قتله غيلة"، وهو أن يخدعه فيذهب به إلى موضع فيقتله فيه: (الرازي- مختار الصحاح: ٣٨٣).
٦ - أي: أفرج عنهم، يقال: "سرّح عن فلان" أي: فرّج. أنظر البستاني- فاكهة البستان: ٦٣٨.

<<  <   >  >>