للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}.

ولا يسع البرزلي، ومن معه، أنْ يقولوا: بمثل هذا التبديل المذكور، وحاشاهم أن يقولوه! [١٦/أ]

وإنما معنى كلامهم: أنّ الزاني أو المحارب ونحوه، لم يظفر بعينه لفراره، أو تعصّبه ونحو ذلك، وإنّما ظفر الإمام بماله: فإنّه يعاقب بأخذه حتى يظفر به، فيقام الحدّ عليه إنْ لم يحدث ما يسقطه، كالتوبة للمحارب قبل القدرة عليه ونحو ذلك، كما مرّ.

وجلالتهم تصونهم عمّا توهّم فيهم، كيف: وقد علم من الدين ضرورة: أنّ من بدّل ما شرعه الله، أو أحلّ ما حرّم الله فهو كافر، وأن إقامة حدود الله واجبة من غير فرق بين وضيع أو شريف!.

وفي الصحيح: أنّه قال- عليه الصلاة والسلام-: "إنّما هلك من كان قبلكم، لأنّهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف قطعوه، وأيّم الله: لو أنّ فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها" ١ اهـ.


١ - أخرجه مسلم في "صحيحه": ٣/ ١٣١٥، "كتاب: الحدود" "باب: قطع السارق الشريف وغيره " مطولاً، من طريق ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة، أن قريشاً أهمّهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت، فقالوا: من يكلّم فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقالوا: ومن يجترىء عليه إلاّ أسامة، حبّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكلمه أسامة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أتشفع في حدّ من حدود الله؟) ثم قام فاختطب فقال: "أيها الناس إنما أهلك الذين من قبلكم، انهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف، أقاموا عليه الحدّ، وأيم الله!، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها".
والنساثى في "سننه ": ٨/ ٦٤ - ٦٥ - ٦٦ - ٦٧، "كتاب: قطع السارق" "باب ذكر اختلاف ألفاظ الناقلين لخبر الزهري في المخزومية التي سرقت". بألفاظ مختلفة وروايات عديدة.
وأبو داود في "سننه" "أنظر: عون المعبود شرح سنن أبي داود": ١٢/ ٣١.
"كتاب: الحدود" "باب: في الحدّ يشفع فيه، نحوه مطولاً.
وابن ماجة في "سننه ": ٢/ ٨٥١ "كتاب: الحدود" "باب: الشفاعة في الحدود"،، نحوه.
وأحمد في "مسنده ": ٦/ ١٦٢، نحوه.

<<  <   >  >>