للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولهذا قلنا في التحصيل المتقدّم- آنفاً-: أنّ ما شرع الله فيه حدًّا معلوماً لا يعدل عنه إلى المال إتفاقاً بل إجماعاً، إلاّ مع التعذّر، ولا يسقط الحدّ إنْ زال العذر فتنبّه لما ذكر!: فقد زلّت هنا أقدام، فيفتون بالمال مطلقاً، ويحتجّون بما للبرزلي ومن معه، وهم قد دخلوا بسبب ذلك في الكفر بنصّ التنزيل، فقد ضلّوا وأضلّوا، نسأل الله السلامة من حمل كلام الأئمة على غير وجهه!.

وقد تقدّم- في الفصل الثالث-: أنّ حامي الغاصب أو المحارب ونحوهما- ولو بجاهه- كهو، فيجرى على حكمه، فيعاقب بالمال إنْ لم يظفر الإمام بعينه، ثم إنْ ظفر به حكم عليه بما شرع الله فيه.

وقد نقل البرزلي- في نوازله- ١: (أن سرّاق "المغرب" اليوم كلّهم لصوص، تجري عليهم أحكام الحرابة من القتل، أو القطع من خلاف أو النفي، لا أحكام السرقة، لأنّهم يجعلون أحد السرّاق عند رأس صاحب المنزل في الحاضرة أو البادية، متى رآه تحرّك ضربه أو هدّده، وكذا سرّاق البوادي يجعلون واحداً يخرج الحيوان [١٦/ب] والمتاع، والباقون واقفون بالسلاح يمنعون يقدم عليه) ٢.

قال- أي البرزلي-: (والحكم فيهم: أنّهم إذا أخذوا بعد أنْ قتل أحدهم ربّ المنزل قتلوا جميعاً، وإنْ لم يقتلوا أحدا: أجريت عليهم أحكام المحارب من النفي والقطع من خلاف، أو القتل والصلب.


١ - هي "جامع مسائل الأحكام ممّا نزل من القضايا للمفتين والحكام" لأبي القاسبم بن أحمد بن محمد القيرواني، المعروف بالبرزلي (مات سنة ٨٤٤هـ). ذكر الزركلي: "ان كتابه هذا مخطوط في مجلدين، قد يكون مختصراً من كتابه الفتاوى"، وأنه اقتنى نسخة منه نفيسة في أربعة مجلدات "كتبت سنة (٩٨٢هـ) سمّاها الناسخ في أولها الفتاوى" على طريقة المشارقة، وفي نهايتها "النوازل" على طريقة المغاربة" (الزركلي- الأعلام: ٥/ ١٧٢).
٢ - أنظر: فتاوى البرزلي: ٤/ ٢٤١ - أ، حيث نقله عن "أبي محمد صالح" ٣ في "مسائل الحرابة". والمصنف (التسّولي) في "البهجة في شرح التحفة": ٢/ ٣٦٥ (فصل قي دعوى السرقة).

<<  <   >  >>