اعلم: أنّ قولكم- أيدكم الله! - في السؤال:(أم يتركون على حالهم ... الخ؟) إنّ الترك: مما لا يحلّ كتابا، وسنة، وإجماعاً، بل الواجب: أن تجرى عليهم أحكام الفصول السابقة، ولا يتركون على ما هم عليه بحال.
قال القرافي وغيره:(فما أباح الله العرض بالقذف والسب قط، ولا أباح الأموال بالغضب والسرقة قط، ولا الأنساب بإباحة الزنا قط، ولا العقول بإباحة المفسدات لها قط، ولا النفوس والأعضاء بإباحة القتل والقطع بغير حق قط، ولا الايمان بإباحة الكفر وانتهاك حرمة الحرمات قط) اهـ كلامه- رحمه الله-.
وقد علمتم: أنّه ما نصب الولاة والأئمة إلاّ لزجر من إرتكب من الرعية شيئاً من هذه الأمور، وذلك فرض عين عليهم، فإذا تركوا الرعية على ما هم عليه من المناكر- من نقل الأخبار، ومبايعة الكفار، أو غصب الأموال، ونحو ذلك ممّا مرّ- فقد أخلوا ١ بما فرض الله عليهم، فيفضي ذلك: إلى هدم الإسلام، وكشف العدوّ عن الوطن اللثّام، وفساد الكفر لا يعد له فساد، فيلحق حينئذ الأئمّة ذلك الوعيد المتقدم- في الفصل الثاني والسادس- لأنهم بتركهم زجر الرعية عن المناكر، قد أحبوا أن يعصى الله في أرضه ورضوا بذلك.
وقد قال العلماء- رضي الله عنهم-: (من ترك أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - من
١ - تركوا، يقال (أخلّ الرجل بمركزه تركه). (الرازي- مختار الصحاح: ١١٤٦).