دعا آخر منهم: فهدّده، فقال: والله- يا أمير المؤمنين- لقد كنت كارهاً لما صنعوا، ثم دعا الجميع: فأقرّوا بالقصة، واستدعى الأول، وقيل له: لقد أقرّ أصحابك، ولا ينجيك سوى الصدق، فأقرّ بما أقرّ به أصحابه، فأغرمهم المال، واستقاد منهم بالقتل" ١ اهـ.
فتدبّرا- أيّدكم الله! - في هذه القصة، ففيها دليل- لما مرّ- أنّ والي الجرائم لا يرفع المتهمين إلى القضاة،- كما مرّ عن القرافي- الا ترى كيف استحلفهم القاضي- في هذه القصة- وأرسلهم، وتولّى علي- رضي الله عنه- الفصل بينهم، حتى استجلب إقرارهم!.
وفيها دليل لكون المتهم يهدّد بالسجن وغيره، ويعرف عند استجلاب إقراره.
وفيها ردّ لما حكاه في "البيان" عن مالك: من الكراهة لذلك، كما مرّ.
وبتمام هذه الستة فصول، وإجراء الأحكام على ما اشتملت عليه من الأصول: ينزجر الظالم الجسور، وبإهمالها: تهتك الستور ويستولي [٢١/أ] على الإسلام العدوّ الكفور، وبتأملها يعلم حكم الله في الفريقين اللّذين أشرتم لهما في السؤال، والله أعلم.
١ - أخرجه البيهفي في "سننه": ١٠/ ١٠٤، "كتاب آداب القاضي"، "باب التثبت في الحكم".