للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والغصب- كما تقدّم في الفصل الأول- والحمل على الغالب واجب، وعليه: فلا بدّ حينئذ من كشف من وقع النهب ونحوه بأرضهم بالسجن وغيره، لأنّ الغالب أنّ ذلك لا يخفى عليهم، إذ لا تجد أحداً ينهب الناس بأرض إلاّ وبعض أهل تلك الأرض معهم، وأهل البلد لا يخفى عليهم ذلك.

والحمل على الغالب مشروع، وليس للحاكم أنْ يقول للمنهوب ونحوه: إنّما لك عليهم اليمين، لأنّ ذلك ذريعة- كما تقدّم عن "التبصرة"- إلى إهمال ما أوجبه الشرع باتفاق الأئمة الأربعة: من الكشف بالضرب والسجن، وذريعة إلى ١ زيادة الفساد.

وأيضاً: لا أقلّ أن يكون عقابهم وتضمينهم من باب سدّ الذريعة- الذي تقدّم في الفصل الثالث أنّه مشروع- لأنّهم إذا غرّموا حمّلهم ذلك على حفظ طرقاتهم ٢، والمارّين بأرضهم، وعدم كتمان غصّابهم، والتعصب عليهم- كما تقدّم-.

فإرسال من وقع النهب بأرضهم مع المنهوب للقاضي يحكم بينهم، من زيادة الفساد قطعاً، وإهمال سدّ الذريعة، ليس بالأمر الهيّن، إذ فيه إعانة الظالم على ظلمه، لأن" غاية ٣ ما يفعله القاضي: أنْ يكلّف المنهوب بالبيّنة، وأين هذه البيّنة؟، وعلى فرض وجودها، فلا تكون إلاّ من أهل ذلك البلد، وهم على ما هم عليه من الحميّة ٤، والعصبيّة، وقوة التهمة، فكيف يشهدون! مع كونه نهب بأرضهم، بل (من) ٥ شهد منهم عاقبوه، وخشي على نفسه منهم، لأنّهم مكتسبون بغصبهم التعظيم والاحترام [١٨/ب]- كما مرّ-!.

ومن أجل إهمال هذا الباب: استولى الكفر، وغلب الظلم على الإسلام،


١ - ساقطة من "ب".
٢ - في "الأصل" (سرّاقهم)، والصواب ما أثبتناه من "ب" و"ج".
٣ - في"ب" (غالب).
٤ - هي: (الأنفة، يقال: (فلان دو حميّة منكرة) إذا كان ذا غضب وأنفة. (الرازي- مختار الصحاح: ١٢١، المصباح المنير:١/ ١٨٧).
٥ - ساقطة من "الأصل".

<<  <   >  >>