للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسلمين! " ١ اهـ بنقل الطرطوشي المذكور.

وإذا علمتم هذا: تبيّن لكم: أنّ ليس للراعي أن يدّخر عمّن استرعى عليهم نصحاً، ولا أنّ يهمل في تدبيرهم ما يثمر نجحاً، فيجب عليه: أن يزجرهم عمّا هم عليه، ويردّهم إلى معالم الدين وأن يحرضهم على فعل ما أمروا به، وترك ما نهوا عنه من العناد التحريض المبين، إذ أحسن ما صرفت إليه الوجوه، واستدفع به الخبث والمكروه، العمل بالكتاب والسنة والآيات المتلوّة المحكمة، وردع اليد الظالمة من عامل أو غيره، فينصف ٢ للرعية من العمّال، كما ينتصف لهم من بعضهم بعضاً، ويرد لهم البال ٣.

قال- تعالى-: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ}.

قال الإمام الطرطوشي- المتقدم-: (يعني لولا أنّ الله- تعالى-: أقام السلطان في الأرض لا يدفع القوي عن الضعيف، [٢٢/ب] وينتصف المظلوم من الظالم، لأهلك القوي الضعيف، وتواثب الخلق بعضهم على بعض، ولا ينتظم لهم حال، ولا (يستقر) ٤ لهم ٥ قرار، فتفسد الأرض ومن عليها.

ثم امتنّ الله على الخلق بإقامة السلطان، فقال: {وَلَكِنَّ اللَّة ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} ٦ يعني: في إقامة السلطان، فيأمن الناس، ويكون فضله على الظالم كفّ يده، وفضله على المظلوم أمانه، وكفّ يد الظالم عنه ٧.


١ - نقله الطرطوشي في "سراج الملوك": ٣٤ "باب في مقامات العلماء والصالحين عند الأمراء والسلاطين"، ٤٧. "باب في أن السلطان مع رعيته مغبون غير غابن ". والشيخ أحمد المرنيسي في "جوابه عن حكم المال الذي يفرض على المسلمين لدفعه إلى الأعداء مقابل الصلح": ٨. وابن عماد الحنبلي في "شذرات الذهب": ١/ ٢٧٩ - ٢٨٠.
٢ - في "ج" (فينتصف).
٣ - البال: الحال التي تكترث لها، والشأن، يقال: "أمر ذو بال" شريف يحتفل له ويهتم به. (المعجم الوسيط: ١/ ٨٧، البستاني- فاكهة البستان: ١٢٨).
٤ - في جميع النسح (يستقيم) وما أثبتناه قد ثبت في "سراج الملوك" للطرطوشي.
٥ - ساقطة من "ب".
٦ - سورة البقرة / آية ٢٥١.
٧ - أنظر: الطرطوشي- سراج الملوك: ٤٧"باب في فضل الولاة والقضاة إذا عدلوا.

<<  <   >  >>