للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"وإنما الأعمال بالنيات " ١.

فسعدوا- والله-! وكفى بمزية الجهاد مزية، إذ لا يدركها أحد ولو استمرّ [٣٨/ب] في، العبادة ألف سنة، لأنّه: أعزّ دين الإسلام، ومشى على نهجه- عليه الصلاة والسلام

- وقام بأوامر الله أحسن قيام، وبالغ في إعلاء كلمات الله مبالغة الأبرار الكرام.

قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ} ٢. ثم قال: {وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ ... } ٣.

وإن هو أهمل ذلك الاستعداد، وترك رعيّته على ما هم عليه من الافتخار باللّباس، والانهماك في المآكل والازدراد، والاشتغال بزينة يحلّى بها نحر وجيد ٤، والتنافس فيما لا يغني في الشدائد ولا يفيد، حتى تداعت الصلبان محيلة عليهم وعليه، وتحركت الطواغيت من كل جهة إليهم وإليه: فقد تلّه ٥ الشيطان


١ - أخرجه البخاري في "صحيحه"، أنظر: "فتح الباري في شرح صحيح البخاري": ١/ ٩ "كتاب: بدء الوحي"، وهو أول حديث في الصحيح.
ومسلم في "صحيحه": ٣/ ١٥١٥ "كتاب الامارة" "باب: إنما الأعمال بالنية". وكلاهما أخرجاه عن طريق عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- قال: "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكلّ امرىء ما نوى: فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، أو إلى امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه".
٢ - سورة التوبة / آية ١٢٠، وتمامها: {مَا كَانَ لِأَةلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّة لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ}.
٣ - سورة التوبة / آية ١٢١، وتمامها: {لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.
٤ - في "ب" وجيه) وهو تصحيف، وهي بمعنى: العنق، والجمع: أجياد، مثل: حمل وأحمال (المصباح المنير:١/ ١٤٣).
٥ - أي: صرعه، فهو: متلول وتليل، أو ألقاه على عنقه وخدّه. (ترتيب القاموس المحيط: ١/ ٣١٤).

<<  <   >  >>