للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكيف يكون للمغلوب على غلابه (الكافر) ١ عهد وميثاق؟!.

ولهذا قال الإمام الحافظ "أبو العباس الونشريسي"- رحمه الله- في "معياره"، أثناء جواب له، ما نصّه: (كيف يثاق بهم عند قوتهم وظهورهم، وكثرة عددهم، ووفور عُددهم اعتماداً على وفائهم بعهودهم في شريعتهم، ونحن لا نقبل شهادتهم بالإضافة إليهم فضلاً عن قبولها بالإضافة إلينا، فكيف يعتمد على زعمهم بالوفاء!؟) ٢ اهـ الغرض منه.

ومعناه: أن العهد أعلا مراتبه أن يكون شهادة، ونحن لا نقبل [٤٥/أ] شهادة بعضهم على بعض، فكيف نقبلها على المسلمين، ونعتمد على زعمهم وعهدهم بالوفاء؟!.

فهذا خرق: للاجماع، والكتاب، والسنة بلا نزاع، قال تعالى- مخبراً عن دوام معاداة الكفار للمؤمين- وانهم لا ينفكّون عنها- بقوله: {ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردّوم عن دينكم إن استطاعوا ... } ٣.

وإنما جاز الصلح والهدنة: إذا كانوا مطلوبين في أراضيهم، لأن الغلبة والظفر


١ - ساقطة من "ب".
٢ - قاله الونشريسي في "معياره ": ٢/ ١٤٠، أثناء جواب عن سؤال وجّهه له الفقيه القاضي "أبو عبد الله بن قطية" عن رجل من أهل "مربلّة" معروف بالفضل والدين تخلف عن الهجرة مع أهل بلده ليبحث عن أخ له فقد قبل في قتال العدوّ بأرض الحرب كما أنه كان عوناً للمسلمين الذمّيين حيث سكناه ولمن جاورهم يتكلّم عنهم مع حكّام النصارى فيما يعرض لهم معهم من نوائب الدهر، فهل يرخص له من الإقامة معهم تحت حكم الملّة الكافرة؟ أو لا يرخص؟، فأجاب بذلك بعد أن نقل ما روي عن "عمر بن عبد العزيز" أنه نهى عن الإقامة بجزيرة الأندلس.
٣ - سورة البقرة/ آية ٢١٧، وتمامها: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّةرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَةلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيةا خَالِدُونَ}.

<<  <   >  >>