للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال ابن عطية: (حكم الآية في دعاء الرسول - صلى الله عليه وسلم - على الصحيح، وكذلك غيره من الأئمة) اهـ ١.

قال: (وقد قالوا- أيضاً-: إذا عجز أهل دار نزل بهم عدوّ الدين، عن الذبّ عق أنفسهم، تعيّن على من يقربهم أن يعينهم، وهكذا: واليوم نسمع ونبصر بنزول العدوّ دياراً فضلاً عن دار فنتغافل، وربما استصرخونا ٢ فنتكاسل، حتى ينتهزوا ٣ (فرصتها)، ويتمكّنوا من غرّتها، ثم يفعلون بأخرى مثل ذلك، فدلّ ذلك: على استخفافنا بقوله تعالى: {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ} ٤ أي: (فواجب عليكم أن تنصروهم على المشركين، لأن ترك نصرهم يؤدي لمفسدة، واستيلاء الكفّار حتى عليكم) ٥ اهـ باختصار كثير.


١ - قال ابن عطية: (هذه معاتبة للمؤمنين من أهل يثرب وقبائل العرب المجاورة لها على التخلف عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوه، وقوة الكلام تعطي الأمر بصحبته إلى توجهه غازياً وبذل النفوس دونه. وهذا كله في الانبعاث إلى غزو العدوّ على الدخول في الإسلام واما إذا ألمّ العدوّ بجهة فمتعيّن على كل أحد القيام بذبه ومكافحته. فيجيء قوله تعالى: {مَا كَانَ لِأَةلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ} عموم في اللفظ والمراد به في المعنى الجمهور والأكثر. وتجيء هذه الآية مبيّنة لذلك مطردة الألفاظ متصلة المعنى من قوله- تعالى- {مَا كَانَ لِأَةلِ الْمَدِينَةِ ... إلى قوله {يَحْذَرُونَ} بين في آخر الآية العموم الذي في أولها، إذ هو معرض أن يتأول فيه ألاّ يتخلف بشر). (المحرر الوجيز- ٨/ ٢٩٧ - ٣٠٠).
٢ - في "ب" (استصرخوا بنا).
٣ - في "ب"و"ج"و"د" (ينتهزون).
٤ - سورة الأنفال / آية ٧٢، وتمامها: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَةاجَرُوا وَجَاةدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُةاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُةاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}.
٥ - قال ابن عاشور في تفسير هذه الآية- (أي: طلبوا أن تنصروهم لأجل الدين، أي لردّ الفتنة عنهم في دينهم إذ حاول المشركون إرجاعهم إلى دين الشرك وجب نصرهم لأن نصرهم للدين ليس من الولاية لهم بل هو من الولاية للدين ونصره، وذلك واجب عليهم سواء استنصرهم الناس أم لم يستنصروهم إذا توفر داعي القتال). (التحرير والتنوير: ١٠/ ٨٦).

<<  <   >  >>