إلاّ باستفراغ الوسع، وبذل الطاقة والجهد بالعدّة والاستعداد، ومباشرة الدفع، ومعاودة القتال بحسب الإمكان، أو يموت وهو مدين على ذلك الفعل، فينتقل الوجوب إلى من تولّى بعده، وأما كونه يقتدي بمن عصى من الأئمة، وترك مدائن المسلمين بأيدي الكفار، أو ترك إغاثة من عجز عن الدفع، فذلك غير مخلص.
وبهذا نعلم: أن محل كون الجهاد فرض كفاية: إذا لم يكن العدوّ أخذ شيئاً من بلاد المسلمين، وإلاّ كان فرض عين- على ما مرّ تفصيله قريباً- إذ هو: نازل بهم دائماً ما دام آخذاً لثغورهم وبلادهم، فيجب على أئمة وقته، وعلى من يليهم إن عجزوا، على من بعدهم إن ماتوا أو عصوا وتركوا أن يخرجوهم ممّا استولوا عليه، ولا يحلّ لهم تركهم، إلاّ بقدر ما [٤٨/أ] يتجهّزون، ويعاودون ذلك المرة بعد المرّة، حتى يفتحها الله عليهم.