للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفوائد في الأبواب، والقاعات، واكتراء الأسواق والرحاب مكس، وهو الذي كثر استعماله في العرف.

وعلى تفسير "المرجاني" و "ابن عرفة": ليس بمكس، وإنما هو: غصب وظلم) ١ اهـ.

وقد علمت: أن الفقهاء- رضي الله عنهم- احترزوا عنه، وأخرجوه بالشروط المتقدمة، فليست المغارم المذكورة من المكس في شيء، لأنها ليست [٥٠/ب] لنفع الأمير، بل لنفع المسلمين، ولهذا اتفقوا على جوازها.

لكن الأحوط والأقرب فيما يظهر: أن جبر الناس على المعونة بالأبدان أصوب، بأن يفرض على كل قبيلة مائة فارس أو أكثر بحسب ما تطيقه، وكل قبيلة تموّن مائتها وإدالتها، فإذا مضى لهذه الإدالة أربعة أشهر مثلاً أرسلها بعد أن تأتي أخرى في محلها، وهكذا، لأن ذلك أهون على الرعيّة من فرض الأموال وتوزيعها عليهم، ولا سيّما وهم لم يعتادوا ذلك، والنفس مجبولة على حبّ المال، لأنه شقيق الروح، فيؤدي إلى ميلهم للعدوّ الكافر، وإلى سوء الظنّ بإمامهم، لتهمتهم إيّاه على أنه يصرف ذلك في مصالح نفسه.

فتوزيع المال يحتاج إلى رياضة وسياسة، بخلاف المعونة بالأبدان على الكيفيّة المذكورة، فهي: سالمة ممّا ذكرنا- وقد تقدّم التنبيه على هذا في فصل الاستنفار- ولو كلّف الرعية أن يحرثوا لبيت المال مثلاً، فكل زوج من أزواج القبائل تزرع مدًّا ٢ أو مدّين من عندها، وتحصده، وتدرسه ٣، وتأتي بزمامه للأمير، من غير أن يدفع الأمير لهم شيئاً في مقابلة ذلك، لكان صواباً.


١ - نقله الونشريسي في "المعيار": ٢/ ٤٩٢، وزاد عليه: (قال المرجاني: والظالم هو الذي يقرر في بعض الأشياء أن من اشترى شيئاً أو باعه فعليه كذا وكذا، فهذا لا يمتنع من شرائه ولا بيعه إذ ليس فيه إعانة).
٢ - المدّ: مكيال قديم، وهو رطل وثلث عند أهل الحجاز، أي ربع صاع ورطلان عند أهل العراق، جمعه: امداد، ومداد. (أبو جيب- القاموس الفقهي: ٣٣٧).
٣ - درس الحنطة درساً ودراساً: داسها. (الزاوي- ترتيب القاموس المحيط: ٢/ ١٦٩).

<<  <   >  >>