للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ١: (وسمعت شيوخ بلاد الأندلس من الأجناد وغيرهم، يقولون: ما زال أهل الإسلام ظاهرين على عدوّهم، وأمر العدوّ في ضعف وانتقاص، لمّا كانت الأرض مقطّعة في أيدي الأجناد، فكانوا يستغلونها، (ويرفقون) ٢ بالفلاحين، ويربونهم كما يربّي التاجر تجارته، فكانت الأرض عامرة، والأموال وافرة، والأجناد متوافرة ٣، إلى أن كان الأمر في آخر زمان "ابن أبي ٤ عامر": فردّ عطايا الجند مشاهرة، وقدّم على الأرض جباة يجبونها، فأكلوا الرعايا، واحتجبوا أموالهم، واستضعفوهم، فتهارجت الرعايا، وضعفوا عن العمارة، فقلّت الجبايات المرتفعة إلى السلطان، وضعفت الأجناد، وقوي العدوّ على بلاد المسلمين، حتى أخذوا الكثير منها، ولم يزل أمر المسلمين في ضعف، وأمر العدوّ في ظهور، إلى أن استولى "اللمتونيّون" ٣ فردّوا الاقطاع كما كانت في الزمان الأول، ولا أدري ما يكون وراء ذلك، نسأل الله: جميل الصنع! ٦ اهـ لفظه.

فتدبّروا- أيّدكم الله-!: هذه القضايا، فإن قبائلكم هي (أجنادكم) ٧،


١ - أي: الطرطوشي.
٢ - في "الأصل" (ويرفقوا)، وما أثبتناه من "ب" و"ج" و"د" قد ثبت في "سراج الملوك".
٣ - في "سراج الملوك" (متوافرين).
٤ - ساقطة من جميع النسخ، والإضافة من "سراج الملوك ": ١٢٣. وهو: المنصور بن أبي عامر.
٥ - في "سراج الملوك": "المتلثّمون" وكلاهما جائز. فاللّمتونيون، نسبة إلى بلاد "لمتونة" وهم طائفة من طوائف الملثّمين، قال ابن خلدون- وهو يصف الإقليم الأول- (وبالقرب منها من شماليّها بلاد "لمتونة" وسائر طوائف الملثّمين) وقال- يصف الإقليم الثاني-: (وفيها جمالات الملثّمين من "صنهاجة"، وهم شعوب كثيرة ما بين "كزّولة" و"لمتونة" و"مسراتة"، و"لمطة" و"وريكة". وكان من ملوكها "يوسف بن تاشفين". (ابن خلدون - مقدمة تاريخ: ٩٣، ٩٨، ٤٠٥).
٦ - أنظر: الطرطوشي- سراج الملوك: ١٢٣، "باب في سيرة السلطان في استجباء الخراج".
٧ - في "الأصل" (أجلادكم) وهو خطأ، والصواب ما أثبتناه من "ب" و"ج" و"د".

<<  <   >  >>