للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا تفي بما أتلفوه من الأموال والأنفس.

وأيضاً: إن ردّ أموالهم إليهم إنما هو: إذا علمت ملاّكه.

وبالجملة: فواحد من الوجوه المتقدمة كاف في عدم وجوب ردها إليهم، فكيف بذلك إذا وجدت تلك الوجوه كلها، أو وجد غالبها، أو متعدد منها!، ولذا قال في- "معاوضات" - "المعيار": (يجوز شراء ما لم يعلم مالكه من الطعام الذي يجلبه الجيش من أمتعة الباغية) ١ اهـ.

وظاهره: أنّه يجوز له تملّكه، ولا يحتاج إلى تعريف به، ولهذا صحّ له بيعه، وللآخر شراءه، وما ذلك إلاّ لكون الغالب وجود شيء من الوجوه السابقة المانعة من ردّ أموالهم إليهم، وإلاّ لوجب التعريف، ولم يجز لأحد شراؤه قبله، والله أعلم) ٢.


١ - ذهب إلى جواز ذلك "أبو محمد عبد الله بن بختي الزواوي" في جواب له على نازلة نزلت بافريقية يوم ولاية الأمير أبي حفص، وذلك أنه لما حصر "تونس" تفرق حينئذ العرب على قراها وحاصوا طعامها وقطعوا طرقها، ثم جلب العرب الطعام إلى البلد لبيعه، فتوقف أكثر الناس عن شرائه، فسئل من بها من العلماء، فأجاب هذا الشيخ بجوازها، فأخذ الناس بفتواه، وقال- لما سئل عن سبب هذه الفتوى-: (ولكن ذلك عندي مقتضى الفقه، وهو - أيضاً- جائز على مذهب "الموازية" "والمدونة"، أما الفقه وذلك أن الطعام المجلوب لا يعلم عين مالكه، ولو قام شخص يطلبه ما حكم له بأخذ هذا الطعام المجلوب اتفاقاً).
وقال بعضهم: بالمنع من ذلك لأن في ذلك إعانة لهم على الغصب، فقال الشيخ عند ذلك: فالمنع من ذلك ليس هو لكون هذا ليس بملك لهم. وإنما هو لمعنى آخر، مع أن هذا لا يمنعهم من الغصب والعداء، وهم إن لم يشتر منهم يرفعونه إلى موضع آخر ويبيعونه أو يأ كلونه. (الونشريسي- المعيار: ٥/ ٦٨ - ٦٩، "في حكم الشراء من العرب المعروفين بالنهب".
٢ - المسألة الخامسة بتمامها ساقطة من "ب".

<<  <   >  >>